بغداد- العراق اليوم:
كامل عبد الرحيم
فيروز تأكل عشاقها
سيقوم الرئيس الفرنسي ماكرون بزيارة ثانية إلى بيروت ، يبدؤها بلقاء بفيروز ، ولا جدول للزيارة غير لقاء فيروز هذا ، وبرأيي بأن هذا اللقاء هو أكثر من تكريم مستحق للسيدة فيروز ، بل إشارة من الرئيس السياسي بموت النظام السياسي ولن يدوم إلا وجه الكريم زائداً الدور الحضاري والثقافي للبنان معبراً عنه بالسيدة فيروز . تبدو لي السيدة فيروز كآلهة للموت أكثر منها أيقونة للحب ، فكل عشاقها وفريقها وملحنيها وراقصيها وراقصاتها والكورس المصاحب لها . مات الرحبانيان الكبيران ، ومات رفيقها الذي ما غنى لغيرها ، نصري شمس الدين ، مات الرؤساء والجمهور ومات راجح وكذلك شادي ، وكل المخاتير ورؤساء البلديات ، مات فيلمون وهبه ، وغيره من الملحنين ، مات كل المتفرجين وعشاقها ، مات رياض البكري منذ أربعة عقود ، وكنت أسميه عاشق فيروز ، ومات الآخرون . في أواسط عقد السبعينات وأثناء الحرب الأهلية ، كنتُ في بيروت ، مقاتلاً ، وكان مكان واجبنا في منطقة (الشيّاح) الساخنة ، وكانت مجموعة من الشباب اللبناني تلتف حولنا في مكتب (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) الذي كان يترأسه كقائد عسكري رياض البكري رحمه الله ، وقد اسند لي منصب المعاون السياسي له . أحد الشباب اللبنانيين كان يقول لي بأن أخاه الأكبر يعمل في فرقة فيروز كـراقص ، وقد سمع هذا الأخير بنا ورغب بالتعرف علينا ، جاء أخيراً (علي) وهذا اسمه ، وهو شاب طويل ووسيم ومفتول العضلات رشيق الجسم ، جسم الراقص المحترف فعلاً ، تعرفنا عليه ، وظل يتردد ، رغم أنه لم يكن يعبأ أو يهتم بالسياسة مثل أخيه الصغير المندفع ، كانا من بيت (شمص) ، وهي عائلة شيعية ، أظنها ميسورة الحال تقطن الشيّاح وتعود أصولها إلى الجنوب ، مرة دعانا علي لحضور بروفات مسرحية لفيروز ، ذهبنا فعلاً وكان علي يرقص الدبكة بساقه القوية فيضرب المسرح مع بقية الراقصين والراقصات ، لكننا لم نحظَ بمشاهدة فيروز ، بعد عودتي للعراق سمعت بأن عليا وأخاه قتلا أثناء الحرب الأهلية ، على كل حال ، كانت تُعرض في تلك الأيام مسرحية (ميس الريم) على مسرح البيكاديلي في شارع الحمرا ، وقد جمعتُ كل ما عندي من مال لأشتري بطاقتي دخول المسرحية وحققتُ حلم عاشق فيروز ، رياض ، وذهبنا لحضور المسرحية ، كانت يدي تشتبك مع يد رياض كعاشقين ونحن نستمع لفيروز ، وعندما أنشدت (يا سنين اللي رحتي ارجعيلي ..ارجعيلي شي مرة ارجعيلي) أدركت أن هذه الأغنية سترافقني ما حييت ، وفعلاً كلما أسمع هذه الأغنية تنساب دموعي بلا إذن ، خصوصاً بعد إعدام رياض عام 1978 ، كانت فيروز تلعب دور (زيّون) التي جدتها من (كحلون) ، وكنتُ أظن بأن هذا المكان متخيّل ، لكننا في العام الماضي ، في آخر زيارة لنا للبنان ، قررنا زيارة ضريح ومتحف جبران خليل جبران في بلدة (بشرِّي) وهي بلدة تقع أقصى شمال لبنان ، وفي الطريق إليها مررنا ببلدة (كحلون) فأوقفت سيارة الأجرة لأتأمل (كحلون) لعلي أجد (ست زيّون) ، ولما عدنا إلى بيروت ، وأثناء تجوالنا في ضواحي بيروت ، مررنا بمنطقة تُدعى (الرابية) فقال السائق لنا وهو يشير إلى قصر غامض عالي الأسوار ، بأنه قصر فيروز ، حيث ممنوع السؤال أو التوقف أو حتى التقاط الصور . في هذا القصر سيلتقي ماكرون بفيروز ، الآلهة الخالدة التي أكلت كل عشاقها ، وربما ستفعل مع ماكرون ، الذي سيطلب من آلهة الموت الخالدة أن تعلن موت النظام المتعفن والشائخ ، النظام السياسي اللبناني التوأم القبيح والمشوه لنظامنا السياسي ، حينها سننحر الذبائح ونحرق البخور و نُنشدُ للآلهة فيروز ....هالسيارة مش عم تمشي ..بدها حدا يدفشها دفشي .....لن يدفشها ماكرون ...بل الشعبان اللبناني والعراقي بعد الصحوة وبعد قهوة فيروز ..
*
اضافة التعليق
عودة جديدة لعالم «صراع العروش».. تفاصيل مسلسل «فارس الممالك السبع»
نجمة "آني هول".. وفاة أيقونة هوليوود ديان كيتون
نادين نجيم تفتتح الدراما اللبنانية لرمضان 2026 أواخر أكتوبر
كايلي جينر تدخل عالم السينما بفيلمها الأول «The Moment»
جينيفر أنيستون تكشف معركتها الصامتة مع الإنجاب
برنامج «ذا فويس» يعود في هذا الموعد.. كتيبة نجوم على الكراسي الحمراء