بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي إفتتاحية جريدة الحقيقة: رأى خبراء مراقبون للشأن السياسي في العراق، ان تحديد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يوم السادس من حزيران من العام المقبل موعداً لإجراء الإنتخابات النيابية؛ لا يعدو كونه بالون اختبار للقوى السياسية؛ وخطوة لا يعنيها الرجل بجدية تامة على ما يبدو ، فالظروف التي تنجح مثل هذا الاستحقاق ليست متوفرة حالياً، ولن تتوفر في المدى المنظور. وهذا يعني ضمناً ان تحديد الكاظمي لهذا الموعد يأتي لرفع الحرج لا غير، والاً فإن كل المعطيات المتوفرة تقول ان أقرب استحقاق يمكن أن تجري فيه انتخابات ذات مصداقية هو ٢٠٢٢ على اقل تقدير". وللحق فإن رأي هؤلاء الخبراء - الذين أدار بعضهم عمليات إنتخابية سابقة في العراق- وتأكيدهم على أن ثمة عوامل عديدة تحول دون أن يكون موعد الكاظمي واقعياً بجعلني أصدق هذا الرأي، لاسيما في ظل عدم وجود قانون انتخابات مشرع وجاهز، والذي يمثل الهيكل أو العمود الفقري الذي تبنى عليه معطيات اي انتخابات؛ خاصة وأن هذا القانون عالق في أروقة مجلس النواب منذ فترة؛ وفيه من الثغرات والمشاكل والألغام ما يعجز الجميع عن تفكيكه في القريب العاجل. ناهيك عن أن الوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد، لا يسمح لها بتخصيص ربع مليار دولار على اقل تقدير للشروع بالتهيئة للانتخابات، فمثل هذا المبلغ يشكل اليوم معضلة كبيرة لحكومة تضطر للاقتراض من المصارف الحكومية والأهلية لدفع مستحقات موظفيها ". إن تأكيد الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء على عدم وجود مشكلة في توفير المال للبدء بالتحضير للانتخابات المبكرة، فيه مبالغة وثقة غير مسنودة بدعائم واقعية- مع جل إحترامنا لرأي السيد المتحدث- حتى أن البعض يعد هذا التصريح مكملاً لفكرة المناورة التي بدأها الكاظمي، أكثر من كونها حقيقة، فالحكومة التي تستدين بشكل شهري، لن تستطيع قطعاً تأمين ٤٠٠ مليار دينار لإنتخابات مبكرة ". ولعل الاهم من كل هذا برأينا، هو الأنفلات الأمني الحاصل في الشارع؛ وخروج الامور عن السيطرة في بعض المحافظات، وفوضى السلاح المنتشر، فضلاً عن الجماعات المسلحة والعصابات المنظمة التي يمكن إستئجار شرورها في النيل من هذا المرشح، او من هذه الكتلة، او ذاك الحزب، كما حصل مرات عدة في الإعتداء على مقرات الحزب الشيوعي العراقي وغيرها من مقرات القوى السياسية المسالمة التي تخلو أبنيتها من الأسلحة الثقيلة، بل وحتى من الأسلحة الخفيفة! إن هذه المشكلات تجعل الحديث عن أي انتخابات غير ذي جدوى؛ إذ كيف تصل إرادة الناخب الحرة إلى الصندوق في ظل تهديد ووعيد، وايضا مخاوف الناس والمرشحين من هذا الإنفلات ". إن حكومة الكاظمي وكما يبدو بوضوح، أتت لتبقى بكامل مدتها الدستورية على اقل تقدير، وأن هذه المحاولات والتصريحات إنما تأتي في إطار إسقاط الفرض ليس إلاً. فلو تجاوزنا كل هذه العقبات وسلمنا جدلاً بإمكانية عبور هذه المشاكل الفنية واللوجستية، فكيف نتجاوز العقبة الكأداء، إثر تعطل المحكمة الاتحادية العليا وهي المحكمة المعنية في التصديق على نتائج انتخابات مجلس النواب، وايضاً النظر في الطعون عليها، إذ أن المحكمة تعاني من فقدان نصابها القانوني وهذا يعرقل أعمالها بشكل واضح؛ ويسلبها حق التقاضي والنظر في الشؤون الانتخابية". لذلك أجد ان الحديث عن موعد انتخابات مبكرة غير دقيق أو على الأقل غير مدروس بعناية .. ولا أقول مدروس بعناية، فأتهم بسوء النية !.
*
اضافة التعليق