وزير المال علي علاوي.. وريث خاله أحمد الجلبي، يبحث عن الملك فيصل الأول في ثنايا المشهد المُرتبك

بغداد- العراق اليوم:

بلا تردد ولا توقف، لم ينتظر رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي طويلاً وهو يسند حقيبة المال الى المرشح الساخن في كل الحكومات الدكتور علي عبد الأمير علاوي، حيثُ دافع الكاظمي في أول ظهور إعلامي له عن وزيره ذي الخلفية المالية، والخبرات الأقتصادية، حيث قال أن الرجل يملك قدرة كبيرة على إعادة هيكلة واقع المال والأقتصاد في بلد يعاني الآن من إختناقات حقيقية، ويصل به الأنسداد المالي الى مرحلة مضاعفة ديونه الخارجية والداخلية، مما ينذر بمخاطر كبيرة في المستقبل.

علاوي سليل المجد الملكي!

ينحدر الدكتور علي عبد الأمير علاوي من عائلة علاوي الشهيرة، العائلة البغدادية الشيعية التي عرفُ رجالها بأنهم من الأثرياء الكبار في العهد الملكي، ويجتمع مع زعيم حزب الوفاق الوطني، الدكتور اياد علاوي بذات الجد، حيث أن عبد الأمير شقيق هاشم علاوي والد الدكتور اياد، كما أن الدكتور علي علاوي ينتسب من جهة الأم الى عائلة الجلبي، العائلة الثرية جداً، والمتنفذة في العهد الملكي، فهو حفيد السيد عبد الحسين الجلبي الرجل الثري، والذي تولى منصب وزارة المعارف العراقية، كما أنه ابن شقيقة الدكتور الراحل أحمد عبد الهادي الجلبي، زعيم المؤتمر الوطني العراقي، الذي لعب دوراً بارزاً في إسقاط النظام البائد، وتبوأ عضوية مجلس الحكم، ونائب رئيس الوزراء، وعضوية مجلس النواب، ومناصب أخرى في عراق ما بعد 2003.

أذن، ينحدر علاوي، رجل المال الهادئ الطباع، والملامح في حكومة الكاظمي الى أرث عائلي عريق، مكن له العيش بترف واضح، وأيضاً وفر له فرصاً تعليمية كبيرة، حيث ولد في العام 1947، وبعمر ثلاث سنوات فقط انتقل الى انجلترا، ومن هناك بدأ مسيرة تعليمية مهمة، وحصل على مؤهل علمي رفيع من جامعة اكسفورد الشهيرة، ومارس هناك نشاطاً علمياً وأكاديمياً، فضلاً عن أنشطة تجارية واضحة.

قريب من الإسلام السياسي.. بعيد عن الأحزاب!

لم يعرف عن علاوي انتماؤه السياسي الواضح، ابان فترة المعارضة للنظام البعثي السابق، لكنه كان قريباً من قادة حزب الدعوة الاسلامية، لاسيما القاطنين في لندن، ومنهم موفق الربيعي، وغيرهم، وبقي علاوي في هذه الأروقة، لكنه لم يسجل عليه أي انتماء تنظيمي او حركي في صفوف هذا الحزب أو غيره، غير أنه كان من المساهمين في اعلان ورقة شهيرة في لندن عام 2002.

إعلان شيعة العراق

في عام 2002، وحينما كان العراق يواجه استحقاق التغيير السياسي، فاجأ الدكتور علي علاوي القوى المعارضة بإعلان، ورقة جدلية، واثارت نقاشات حماسية واعتبرها البعض طائفية، نعني به اعلان شيعة العراق الذي وقعت عليه شخصيات شيعية كبيرة ومعروفة أو غير معروفة، وكانت الورقة تتضمن مساراً شاملاً لضمان حقوق الشيعة في عراق ما بعد صدام. وقد نشر هذا الاعلان في جريدة الزمان العراقية ي عددها المرقم (1239) والصادر في 20-6-2002 بيان "اعلان شيعة العراق" الصادر في 17 كانون الثاني (يناير) 2002. وأثار كما قلنا نقاشاً مهماً.

الملك فيصل في ثنايا علاوي

ألف علاوي باللغة الانجليزية كتابين صدرا قبل اعوام، الأول تناول استعادة لشخصية الملك فيصل الأول، الرجل المؤسس للمملكة العراقية، وتناول استقراءً وتحليلاً لشخصية الملك فيصل، وأتضح تأثير هذه الشخصية في ملامح وطريقة تفكير علاوي، الذي يعده مؤسساً وبانياً للأمة العراقية، وأيضاً كتب علاوي كتاباً اخر بعنوان “احتلال العراق.. ربح الحرب وخسارة السلام”، وهو قراءة لما حدث من تحولات عميقة في بنية المجتمع العراقي بعد اسقاط الدكتاتورية والمحاولات المستمرة لتأسيس نظام سياسي بديل.

 مرشح ساخن

ظل علاوي الذي تولى مناصب وزارة التخطيط والدفاع والمالية، مرشحاً ساخناً مع أي تشكيل حكومي مرتقب، بل أن الرجل بقي أسمه مطروحاً كرئيس حكومة محتمل مع اشتداد الأزمات السياسية، لتمتعه بصفات مؤهلة لشغل هذا المنصب المهم. كما كان قاب قوسين أو أدنى من تولي منصب محافظ البنك المركزي في عام 2012، لو لا اختلافه في اللحظة الأخيرة مع الرئيس المالكي آنذاك.

علاوي ومعالجة مأزق الجائحة!

قَبِل علاوي منصب وزير المالية في حكومة الكاظمي التي قامت على أنقاض حكومة عبد المهدي المستقيلة تحت ضغط الشارع الشعبي المحتج، وتسلم زمام الأمور في وزارة مسؤولة عن توفير مرتبات لحوالي ثمانية ملايين عراقي يعتاشون على ريوع النفط، مع أنهم لا يقومون بأي نشاط اقتصادي في الحقيقة، لكن فشل الدولة في تطوير وتحفيز الصناعات والزراعة، وتحقيق بناء اقتصاد حقيقي، حول الدولة الى مؤسسة رعاية اجتماعية كبرى، ومع انخفاض أسعار النفط الى درجات مفرطة، وأيضاً استفحال الفساد المالي والإداري، فأن مهمة علاوي الذي أعلن قبل اعوام يأسه من الديموقراطية في العراق في مقالة نشرها، تبدو شبه مستحيلة، وأن تحديات جمة ستواجهه مع حكومته التي يريد لها أن تتخلص من أعباء الماضي الطويل المليء بالمشاكل والأزمات، ويرد أن يخلص الدولة من وباء الفساد الذي وصفه بأنه يقاد من نخبة متخلفة تقود البلد.

يقول علاوي “إن حياة العراقيين لم تكن دائما على هذا النحو، ولم يكن العراقيون دائما رهائن طغاة مأسورين بجنون العظمة، أو حكم الحزب الواحد، ولا كانوا طائعين لمجموعة من المرتشين فاقدي الكفاءة مثلما هم في طبقتنا السياسية الحالية”.

فهل يستطيع سليل ال الجلبي، ووريث ال علاوي ان يفعل المعجزة التي ينتظرها الشعب والكاظمي ايضاً.

علق هنا