بغداد- العراق اليوم: ها قد ترجل هذا الفارسُ الأنيق، هذا الهداف الذي لا يخطئ هدفه، ها هو الآن يقعُ ضحيةً لضربة خصم غادر، لئيم، لا يمُيزُ بين ضحاياه، ولا يعرفُ كيف يختارهم، وحشُ كاسر، فتكَ بالوسيم علي هادي، أبن مدينة الثورة(الصدر) الهادئ، فأرداهُ قتيلًا، تودعهُ حسرات وآهات مكتومة، وها هو يطيحُ بأحمد راضي، العاشق والمعشوق، الأسطورة الكروية التي كتبت اسمها بماء الذهب، العراقي الوحيد الذي حفر أسمه في ذاكرة كأس العالم بهدفه الأسطوري، هنا في مقبرة الكرخ الكئيبة، أُسدل الستار الى الأبد، وهنا استقر جسدُ بقوام رشيق، أحبهُ العراقيون جميعًا، أحبوا حركاته، إنطلاقاته، شكله المميز، قسماته التي تعلوها الرفعة، رحل البغدادي الذي انحدر من الجنوب، فكان الفتى الذي شغل الناس، وملأ الأفق. مات أحمد راضي، وبقيت " الكَلةِ " بلا راع رئيس لها، مات، بينما العراقيون مازالو غير مدركين لحجم الفاجعة، الساعاتُ ثقيلة، واليوم كئيب، سيناريو "فراق الأحبة" يبدو أنه يُطبق على الجميع، لم يفق محبوه من صدمة زميله هادي، حتى قضى هو في مشفى النعمان، حيث رقد هناك لافظاً انفاسه الأخيرة في فضاء الوطن الذي رفع اسمه في ملاعب الدنيا. مات وهو يرتدي الزي الأخضر، الذي لم يفارقه أبدًا، أنه الوطن الذي اخترلته روحه بمعشوقة الجماهير الأولى (كرة القدم)، لا يليقُ الرثاء الا بمن عشقوا، فالعشاق وحدهم يعرفون الرثاء، ووحدهم يستحقونه. غيمة حزن تلفُ سماء الوطن، ليس لراضي الفقيد فحسب، بل لأن كورونا الخبيث، لا يزال يرفعُ رصيده الآن من ضحاياه، رياضيون، صحافيون، كتاب، أدباء، خبراء، فقراء..الخ، كلهم يقعون تحت مخالبه بلا رحمة، فيما تمتلئُ المقابر الموحشة بهذه الأجساد التائقة للحياة، يالها من محنة بحق السماء. رحل راضي جسداً، وغيب الموت هذا القوام، لكنه لن يغيب عن ذاكرة الناس، ولن يُنسى من محبيه، الذين عبروا خارطة العراق الى الوطن العربي، وسيبقى في ضمير كل عراقي يعشق هذه البلاد، ويريدُ ان يكون جزءًا من أديمها، مهما طال الفراق، وأمتد البعاد.
*
اضافة التعليق