بغداد- العراق اليوم: كانت متوقعة، وسبقها تمهيد إعلامي وجس نبض الشارع قبل اسابيع، وها هي تتحقق اليوم على أرض الواقع، حيث يستغل رئيس منظمة (حماس العراق) الارهابية، وبطل (قادمون يا بغداد) رافع العيساوي، الهارب من وجه العدالة، أجواء الحظر الشامل، ويستغل إنشغال الشارع بوباء كورونا، وإنشغال العراقيين برغيف خبزهم الذي بات شحيحاً، ليعود الى بغداد، في إجراء سبقه عودة شخصيات سياسية اتهمت بالأرهاب، ومن ثم اسقطت التهم عنها، وتمت تسوية ملفاتها، كمشعان ضامن الجبوري، ومحمد الدايني، وخميس الخنجر، وغيرهم ممن كان الحديث شائعاً عن وجود صفقات سياسية وقفت وراء تسهيل اجراءات عودتهم، ومن ثم انخراطهم مجدداً في العملية السياسية، وكأن شيئاً لم يكن، وبجرة قلم، ذهبت عشرات القضايا التي تدينهم. ما يحدث مع العيساوي، الذي هرب من العراق في 2012، بعد أن تفجر ملف ادارته لمنظمة ارهابية في الفلوجة، وبعد أن اكتشف القضاء العراقي تورط حماياته الشخصية في عمليات ارهابية متعددة، وبأعترافات مصورة بثتها القناة الرسمية للدولة انذاك، ونعيدها مع هذا التقرير، وما تلى ذلك من تحريض وفتنة ما سمي بساحات " الذلة والمهانة" التي مهدت الطريق لظهور داعش الارهابي، وإسقاط المحافظات السنية، وما تسببت به الحرب على داعش من استشهاد قرابة 600 الف عراقي بريء في مختلف الجبهات، وما مارسه هذا الوزير الهارب من تحريض، ودعم وتورط صريح في دعم ملفات كبيرة لجماعات مسلحة، يأتي اليوم واثق الخطوة يمشي ملكاً، وقد تم تجاوز كل شيء، فيحط آمناً في بغداد السلام، محاطاً بشلة من السياسيين من اتباعه، تنشر صورهم معه، في مشهد يصلح ان يطلق عليه " عودة الأبن الضال"! لكنه ليس ضالًا فقط، ولم يتورط بسرقة او اختلاس اموال وزارة المالية فحسب، بل أن تهماً تلاحقه بقوة في التورط بملفات الموت والاغتيال والأرهاب، وهذه مثبتة أمام القضاء والرأي العام، والذي قال كلمته الفصل منذ سنوات، فما حدا مما بدا الآن، ولماذا اليوم تحديداً، ليعود بقدميه المبجلتين الى بغداد، فهل هي مجازفة منه، أم أن وراء الأكمة ما ورائها، وأن صفقة سياسية "سرية"مثل الصفقات السرية التي كثر طبخها هذه الأيام، قد عقدت لاعادة تأهيله مجدداً، وأسقاط كل ما حدث عنه بعفو رئاسي (برهماوي) خاص، أو عبر سحب التهم - وهذه سهلة جداً - ! والسؤال الذي لابد منه هنا، هو إذا كانت القوى السياسية الحاكمة مهتمة بإعادة امثال هولاء للواجهة، فما الضامن من أن لايعاد غداً تأهيل المجرم الهارب طارق الهاشمي، ومن ثم اسقاط التهم والادانات المثبتة بحقه، وبعدها يتم الافراج عن المدان احمد العلواني، ويعود علي الحاتم، ويعود كل قادة الفتنة الكبرى الى بغداد، آمنين مطمئنين، فيما تذهب تضحيات الفقراء ودمائهم سدىً. ان هذا التحول الخطير، وأستمرار مسلسل الصفقات على حساب الحقيقة والعدالة، يطيح بكل جهود بناء دولة المؤسسات، وإيمان المواطن بالفصل بين مؤسساتها، ويضع الجميع امام احتمال اعادة بنت الطاغية المقبور رغد صدام الى بغداد، وإعادة الاعتبار لها مجدداً، ويذهب هذا النضال الطويل والمعاناة ادراج الريح، والخاسر في مثل هذه الصفقات لن يكون سوى العدالة والمواطن العراقي الذي استبيحت دمائه من هذه الشراذم العائدة!
*
اضافة التعليق