بغداد- العراق اليوم:
بقلم /الفريق الركن احمد عبادي الساعدي
للعدالة منبر وللمحراب محارب وعلي عليه السلام منبر للعدالة الانسانية وملهم الثوار والمجاهدين وقائد الغر المحجلين وصوت المحرومين عبر العصور . في قلبي غصة افجرها في كل عام من شهر رمضان المبارك مبعثها هذا البكاء العميق والطويل على استشهاد علي "ع" في محراب مدينة الكوفة واستذكار هذه الحادثة المفجعة والاستغراق في تفاصيلها الدموية ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك من دون ان نجرب معنى الاستغراق بحياة علي "ع" ومشروعه في ادارة دولة الناس وحرصه على المصالح الشعبية العامة ولو بربع استغراقنا العميق وشغفنا بالدموع واقامة مجالس التأبين والتعزية والحزن !. اليس من الاجدر والاهم لنا كمسلمين واتباع لمعالم وثوابت المدرسة العلوية ان ندرس حياة هذا المعلم الكبير الذي يصفه الكاتب المسيحي والانساني جورج جرداق "كلمة الانسانية العليا"؟. اليس من المهم ان نلم بمسيرة هذا الانسان العالم والمجاهد والفقيه والصادق والزاهد والقائد والامام ورمز العدالة والحرية الحريص على كيان الاسلام المقاتل الذاب عن حرمة الاسلام وهويته القرانية والرسالية والانسان المنفتح على الانسانية الحر القارئ المجيد لمعنى الحرية الانسانية ؟. هذا القتيل العظيم شهيد الامة الاول ومفتتح مشروع الشهادة والكاتب الاول لدستور العدالة والحرية ولم تعرف رجلا او اماما في كل الدنيا استطاع تكريس معنى الحرية والعدالة والمساواة وان يبدأ بنفسه مثل علي "ع" . يقول"ع" وان بالحجاز او اليمامة من لاطمع له بقرص ولاعهد له بشبع " وهذه العبارة يصف فيها علي "ع" نفسه ويحدد من خلالها مسارات الحكم ونظام الحاكم واسلوب ادارة الدولة الاسلامية اذا لم يسبق له ان طمع بقرص والقرص هو المغنم الاقتصادي ولم يحدث ان شبع يوما اي انه لم يدخر شيئا لنفسه ولم يشعر يوما انه شبعان وفي الامة جائع ومحتاج !. هذه الاخلاقيات العالية والمثالية التي تمتع بها وصي رسول الله وخليفته هي التي جعلته سيداً في الناس وزعيما للامة وراية عالية لمن يريد ان يتعرف على نظام الاسلام ومنظوماته الاخلاقية والفكرية والسياسية والاقتصادية ومزاج الحاكم المرتبط بالتصوف والترابية وهو يسوس الناس ويقودهم على اساس الاسلام . لذلك لابد من دراسة معالم هذه الشخصية في يوم شهادته وفي ذكرى مصرعه العظيم وليس الذهاب الى الحزن والبكاء والندب ونملأ الدنيا دموعا وانهارا من العويل من دون ان نتأمل في الاسباب التي خلقت من علي "ع" عليا وفي الاسباب الكامنة وراء الجبهة التي اغتالت عليا في مسجد الكوفة . لقد مثل علي "ع" الصورة الحقيقية والانعكاس الموضوعي لهوية الرسالات الربانية منذ بدء الخليقة وكان الانسان الكامل والزعيم القرآني المتميز والامام الذي لم يتراجع او يهزم في كل محطات المسيرة التاريخية للاسلام وحتى شهادته "ع" كانت فوزا وانتصارا وهو القائل بعد ان هوى سيف المراوي على هامته الشريفة "فزت ورب الكعبة". امام كبير مثل علي "ع" واتباع عقائديون مثل الشيعة الامامية لابد ان يتحولوا الى امة متميزة لانهم اتباع امام لم يميز بين الناس ولم يفرق او يبني مجدا قرشيا شخصيا على حساب كيان الامة وهويتها ومشروعها الرسالي الخاتم . علينا ان نكون السباقين لمعرفة ابعاد هذه الشخصية الاسلامية قبل غيرنا من الامم والمذاهب الاسلامية وان نطبق معاليم رسالته الاجتماعية والانسانية والفكرية وماجاء في عهده للصحابي الجليل مالك الاشتر وان نحوله الى دستور في بناء الدولة ونظام الحرية والعدالة وفن التعاون والتعامل والتعاطي مع الناس . ان عهد الامام لمالك الاشتر دستور جاهز لادارة دنيا العالم الاسلامي وقيام نظام الحقوق وحماية المجتمع من الافات والامراض النفسية والسياسية والاقتصادية وحماية الحاكم من الفساد. في ذكرى شهادة علي "ع" لابد ان نذكر انفسنا كشيعة واتباع وانفسنا السنة كما في قول الامام المرجع بخصائص علي "ع" في تطبيق نظام العدالة وجهاده في قيام مجتمع الحرية ودرسه العميق في تشخيص الامراض التفصيلية وقيام الدولة العادلة التي يشعر فيها الناس بالحرية والعدالة والحقوق . في ذكرى شهادته نتلمس خطاه المحمدية في الواقع وندرك الحاجة لعلي كلما شاهدنا النار وهي تحترق على جسر الجمهورية او قرأنا شيئا عن البلاد التي خانها ابناء جلدتنا واغرقوها بفسادهم حيث امتلئت بطونهم بالسحت الحرام فاتسعت دائرة الجياع وبيوت الصفيح الساخنة وسرقوا ذلك الحلم بدولة الامام علي العادلة التي يعيش فيها الناس دون تمييز !. اين انت ياعلي ؟.
*
اضافة التعليق