بغداد- العراق اليوم:
عد وزير الصحة جعفر علاوي، وصول فيروس كورونا إلى العراق بمثابة التعامل مع مشاكل عديدة في الوقت نفسه.
وقال علاوي خلال مشاركته في ندوة حوارية نظمها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى،"يعني وصول وباء كوفيد-19 إلى العراق، تعامُل البلاد مع العديد من المشاكل في الوقت نفسه، ويعتمد العراق بشكل كبير على النفط، وقد انخفضت الأسعار بشكلٍ ملحوظ، كما تشهد البلاد احتجاجات مناهضة للحكومة في الشوارع في وقت لا تزال فيه حكومة تصريف الأعمال في السلطة". وفيما يلي نص مشاركة وزير الصحة التي نقلها موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى:-
فيما يتعلق بالوباء، عانى العراق من 1927 حالة من مرض الـ "كوفيد-19" حتى 28 نيسان/أبريل، من بينها 1319 حالة شفاء، وبعبارة أخرى، تبلغ نسبة الأشخاص الذين تمّ شفاؤهم 68 في المائة من المصابين. وعلى الرغم من أنه قد يكون هناك بعض النقص في الإبلاغ عن الإصابات بسبب محدودية الفحوصات والقلق بشأن وصمة العار الاجتماعية، إلّا أنه لا يوجد نقص في الإبلاغ عن الوفيات، حيث يمكن للحكومة التحقق من هذه الأعداد من خلال مراسم الدفن وشهادات الوفاة. وتدّعي بعض وسائل الإعلام أنّ عدد الحالات في العراق وصل إلى عشرات الآلاف، لكن هذا غير صحيح. وترصد سلطات "منظمة الصحة العالمية" في بغداد التقارير الحكومية (حول انتشار الوباء)، وبدأ المنحنى يوقف تصاعده حالياً، على الرغم من أن عدد كبير من العراقيين في الخارج الذين يتطلّعون إلى العودة إلى البلاد قد يثيرون بعض المشاكل.
والتحدي الآخر الذي تواجهه البلاد هو قُرب العراق الجغرافي والثقافي من إيران، الدولة التي شهدت عدداً كبيراً من الحالات في وقت مبكر، لا سيّما في مدينة قُم، فكان من الصعب جدّاً إغلاق الحدود بين البلدين التي يبلغ طولها 1000 ميلٍ بسبب عدة عوامل، من بينها المعدل المرتفع من التزاوج بين العراقيين والإيرانيين، والعدد الكبير من السكّان الشيعة في العراق، والحجم الكبير من التجارة الثنائية بين البلديْن.
ومع ذلك، ساعد إقفال جميع الحدود العراقية، وإغلاق المدارس، وتنفيذ حظر التجول على تخفيض عدد الحالات المحلية بشكلٍ كبير. وفي وقتٍ مبكرٍ من الأزمة، شنّت الحكومة حملة إعلامية عالية المستوى، أعلمت فيها الناس بأهمية التباعد الاجتماعي والوقاية وغسل اليديْن وارتداء القفازات والأقنعة. وازداد الالتزام بهذه القيود تدريجيّاً، على الرغم من أنه لا يزال هناك مجال للتحسين. ووقفَ كبار رجال الدين السنة والشيعة إلى جانب وزارة الصحة لمنع التجمعات الكبيرة في الجوامع ورحلات الحج. وتم الإبلاغ عن بعض الخروقات، إلا أن عدد الزيارات الإجمالية إلى مواقع الأئمة والجوامع تراجع إلى حوالي 5-10 في المائة.
وفي بداية الوباء، كان العراق قادراً على فحص الأفراد الذين يصلون إلى البلاد وأولئك الذين كانوا يعانون من الأعراض. واليوم بإمكانه إجراء فحص عام في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وتلقت الحكومة دعماً دولياً من الصين والكويت و"جامعة لندن" و"منظمة الصحة العالمية"، في حين وفّرت القوات العسكرية الأمريكية المعدات. وساهمت هذه المساعدة في معالجة الشكاوى الأولية للناس حول نقص معدات الحماية الشخصية. وبدأت الحكومة بتوفير الأقنعة للناس مجّاناً، وبالتالي خفّفت من مشكلة التلاعب بالأسعار.
وعلى الصعيد المالي، قدّم "البنك المركزي" والمصارف الخاصة مساعدات كبيرة للبلاد، مما عزز الآمال في تقوية الاقتصاد العام. وتتفاوض الحكومة حالياً بشأن الحصول على المزيد من الدعم المالي من الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، يتم إنتاج كميات كبيرة من الأرز والخضروات، وقد أفاد وزير الزراعة بأن العراق مستعد لتصدير الأرز والقمح.
أما الواقع بأن العراق والأردن يشهدان عدداً من الإصابات والوفيات أقل بكثير مما تواجهه الأنظمة الصحية المتفوقة في الولايات المتحدة وأوروبا، فيتمثّل أحد التفسيرات المحتملة في وجود أنواع متعددة من فيروس كورونا. وأشار زميل في "كلية لندن الإمبراطورية" إلى احتمال وجود ثلاثة أنواع ("أ" و"ب" و"ج") - أحدها خفيفٌ، وثاني له تأثيرات متوسطة، وثالث يعرض الخطر للموت بنسبة مرتفعة، وأفاد بعض العلماء الصينيين في صحيفة حسنة السمعة بوجود نوعيْن مختلفيْن، أطلقوا عليهما "إل" (L) و"إس" (S). وأحد هذيْن النوعيْن عدواني وأصاب 70 بالمائة من الناس في الصين، والنوع الآخر أقل خطورةً ويُسبب أعراضاً طفيفة. وقد يكون هذا التفاوت مبنيّاً أيضاً على الطقس، أو على عدد الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد الأمراض الأخرى للجهاز التنفسي، أو واقع تنفيد إجراءات الإغلاق الشديدة في العراق في وقتٍ مبكر قبل أن يتم اتخاذها في أوروبا والولايات المتحدة. ومن المستحيل تحديد سببٍ واحدٍ معيّنٍ في الوقت الحالي. وعلى أي حال، يتكيّف العراق حاليّاً مع الوضع، ولكن إذا ازدادت الحالات بشكلٍ كبير، فقد تكون النتائج كارثية.
*
اضافة التعليق