بغداد- العراق اليوم:
تمر اسواق النفط وأسعاره في مرحلة تاريخية غير مسبوقة، والتخفيض سوف يحصل سواء أكلن إجبارياً أو طوعياً، فالمعركة اليوم هي معركة اسواق، والفائز في هذه المعركة لحد الان، هو المملكة العربية السعودية، كون السعودية احد اكبر المنتجين، واقتصادها متنوع نوعاً ما، كما لديها صندوق سيادي تملك فيه اكثر من ٦٠٠ مليار دولار، وتستطيع تسريع تقلص موازنتها، فضلاً عن إنها وعلى علم اسواق النفط، متخمة بالنفط، بحيث يومياً يزداد الخزين لديها، والمعروض اليومي من النفط لديها يتجاوز الاستهلاك او الطلب ب ٣٠-٣٥ مليون يومياً، وهي تعلم ان تخفيض عشرة مليون يوميا يساهم فقط بإيقاف تدهور الاسعار الى اقل من ١٠ دولار للبرميل، حيث سبق وان حصل ذلك في ثمانينات القرن الماضي عندما انخفض سعر البرميل الى ٨ دولار . إذاً يجب على العراق ان يتبنى خطة مدروسة للتخفيض تدريجياً، ويراقب اسعار النفط حيث لا يوجد تاكيد او يقين لحد اللحظة بأن التخفيض سيؤدي الى رفع الاسعار . وعليه فالمعركة الان هي معركة الحصص، وسوف تستمر المعركة، والدول التي لديها حقول عالية التكاليف سوف ينخفض إنتاجها. والبقاء للنفط الأرخص في عام ٢٠٢٠ وبذلك سوف تختفي الحقول عالية التكلفة، والعراق يمكن ان يوقف إنتاجه في ٣ او ٤ حقول، وربما نفط كردستان سوف يكون اكثر الحقول المتضررة في العراق، وقد ينخفض إنتاجها الى مستويات كبيرة. اذاً فإن العراق سوف يخفض إنتاجه طوعياً، وقسم منه إجبارياً، والتخفيض فقط سيكون من نصيب الحقول عالية التكلفة وربما يصل الى ٤٠٠- ٥٠٠ الف برميل. وما على العراق إلا اتخاذ إجراءات مالية وقرارات صعبة من اجل ان يعبر محنة هبوط اسعار النفط في عام ٢٠٢٠، علماً أن انتاج النفط من الحقول عالية الكلفة سوف يتوقف في كل دول العالم، وسيكون اكبر المتضررين من حيث انخفاض الاسعار هي نفوط امريكا وروسيا وفينزويلا والمكسيك ونفط بحر الشمال وبعض حقول كردستان التي تتجاوز كلف إنتاجها ال٣٠ دولار للبرميل. وبذلك تكون اسواق النفط قد وازنت نفسها، ولكن خلال فترة عام ٢٠٢٠ ، وربما الى منتصف عام ٢٠٢١، حيث يتوقع ان يخرج تطوعياً ما يقارب ١٠-١٢ مليون من نفط العالم، ولكن حين لا يتجاوز سعر النفط ٣٠-٣٥ دولار للبرميل لفترة سنتين وبعد ذلك ربما يعتمد على وضع الاقتصاد العالمي الذي ظهرت فيه بوادر فشل العولمة والنظام الرأسمالي التي ساهمت في ارتفاع اسعار النفط نتيجة دعم نمو الاقتصاد الصيني غير المسبوق الى مستويات ١٦٪. وسوف تحدث تطورات وتغيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي لا تصب في مصلحة النفط. اذاً يتوجب على العراق تغيير سياسته الاقتصادية والمالية، والنفقات، ويتبنى(موديل اقتصادي) يتلائم مع الوضع الجديد- أي اقتصاد متنوع وتنمية مستدامة، وتنمية قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة والسياحية وفتح باب الاستثمار بدون قيود.
د فلاح العامري خبير في اقتصاديات النفط والطاقة
*
اضافة التعليق