بغداد- العراق اليوم: إرادتان سياسيتان، (وغير سياستين)، تتصارعان اليوم في الملعب العراقي، بصمت وهدوء أحياناً، وبضجيج عال وخطاب إعلامي صاخب في أحايين أخرى. ويقيناً إن لسباق هاتين الإرادتين خط نهاية لابد منه، وهو الفيصل والحكم الذي ستظهر عنده النتائج النهائية. فإرادة رئيس الوزراء المُكلف عدنان الزرفي تواصل تشبثها المستميت بقناعاتها وحقها في نيل فرصتها، دون أن تظهر أي ضعف أو تراخ، متسلحة بجمع واسع من مؤيدي القوى السياسية والنيابية والشعبية أيضاً، ومتمسكة بترشيح رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تعد لانتخابات نيابية مبكرة، حيث ما يزال المقربون من عدنان ، يشيرون الى أن الرئيس المُكلف لا ينوي التراجع عن هذا التكليف، حتى مع الضغوط الهائلة التي تبذلها أطراف مقربة من طهران لغرض عرقلة انجاز مهمة الرجل. وبالمقابل فإن ثمة إرادة صلبة وقوية منافسة، تتمسك هي الأخرى بحقها واستحقاقها في ترشيح من تجده مناسباً لتشكيل الحكومة الانتقالية، ولا تتسامح أو تتساهل مع من تظن أنه يريد سلبها هذا الإستحقاق حتى لو كان أحد أبنائها. وطبعاً فإن لأصحاب هذه الإرادة ثمة مساحة واسعة من المؤيدين سياسياً وعسكرياً ونيابياً واعلامياً أيضاً، ولها قدرات منظورة وغير منظورة لايمكن للزرفي أو لغيره تجاوزها، وستكسر قرار من يتجاوزها حتى لو كان رئيس الجمهورية نفسه. وبهذه القاعدة الإعتبارية، والضوابط والأعراف القيمية غير المكتوبة التزم المرشح مصطفى الكاظمي، معتذراً عن قبول التكليف، ورافضاً الخروج عن مفهوم الإستحقاق المعمول به، نائياً بنفسه عن ان يكون سبباً في فتنة شيعية شيعية، رغم أن الرجل يملك مشروعاً وطنياً واقتصادياً متكاملاً، لحكومة إنقاذ تنهض بالبلد من تحت أنقاض زلزال سياسي كارثي مضحياً أو لنقل مؤجلاً هذا المشروع فنال بهذا الموقف إحترام الشارع العراقي، الذي كره الخلاافات، وسأم الصراعات والفتن، كما نال إمتنان القوى الشيعية ذاتها وقد كان الحاج هادي العامري زعيم تحالف الفتح أول من شكر للكاظمي موقفه هذا. وبحسب مصادر قريبة أخبرت (العراق اليوم)، فأن " الزرفي يراهن على انقلاب اللحظات الأخيرة، وأنه يسعى الى تفكيك عقدة الخلافات بهدوء ونزع فتيل الأزمة دون أن يثير الكثير من الجدل، ولعله في القادم من الأيام سيتجه الى بيت الفتح الرافض له، ومن هناك يطلق حواراً واضحاً معهم، لتفهم معارضتهم، ومعالجة مخاوفهم منه". وتضيف المصادر، أن" الزرفي قد ينجح في إقناع نواب الشيعة دون قياداتهم، لاسيما مع ذلك العدد الذي رأيناه في عملية تكليفه من قبل رئيس الجمهورية حيث اصطف الكثير من النواب وحتى من الكتل المعترضة خلفه، وهو يتسلم كتاب الترشيح لرئاسة الحكومة". وهذا يؤكد من المحت اليه النائب عن كتلة النصر المؤيدة لترشيحه، ندى شاكر جودت، حيث أكدت أن هناك تمرداً في الكتل الشيعية قد يحدث، وستمرر بموجبه حكومة الزرفي. لكن مصدراً اخر قال، أنه " وبعد اجتماعات، استمرت لأيام، توصلت القوى السياسية الشيعية، إلى اتفاق واحد ينص على تغيير رئيس الوزراء العراقي، المكلف عدنان الزرفي. وجاء هذه الاتفاق وسط اعتراض من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم ائتلاف النصر، حيدر العبادي، فيما بدأ الزرفي، حوارات لتشكيل الحكومة مع بعض القوى السياسية، إضافة إلى المباشرة بكتابة برنامجه الحكومي، مع أخذ وجهات نظر القوى السياسية الداعمة له. وأبرز القوى السياسية الرافضة إلى الزرفي ”تحالف الفتح“، بزعامة هادي العامري، الجناح السياسي لفصائل ”الحشد الشعبي“، إضافة إلى ائتلاف ”دولة القانون“، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، و“صادقون“ الجناح السياسي لحركة ”العصائب“ بزعامة قيس الخزعلي، و“عطاء“ برئاسة فالح الفياض، وحزب ”الفضيلة“ للشيخ محمد اليعقوبي، وكتلة ”سند“ بزعامة أحمد الأسدي، وعددٍ من الفصائل الاخرى، وهي كما يتضح قوى لها مساحتها الشعبية والسياسية والعسكرية- المادية والمعنوية - الواسعة. في المقابل، فإن الكتل الداعمة لتكليف الزرفي هي ”تحالف سائرون“ بزعامة مقتدى الصدر، و“ائتلاف النصر“ بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، و“تحالف القوى“ التابع لرئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، والحزب ”الديمقراطي الكردستاني“ التابع لمسعود البارزاني، و“الاتحاد الوطني الكردستاني“.
وقال النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي “، إن ”القوى السياسية الشيعية، اتفقت على تغيير رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، بشخصية أكاديمية من رؤساء الجامعات العراقية، وهناك عدد من الشخصيات طرحت، والحوارات مستمرة ومتواصلة للاتفاق على اسم محددة، بدل الزرفي“. وبين الموسوي أن ”أمام رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، خيارين، إما أن يقدم اعتذاره من التكليف، أو سوف يسقط في تصويت البرلمان العراقي، وفي كلتا الحالتين، هو لن يحصل على ثقة البرلمان، فعليه الاعتذار أفضل من سقوطه في تصويت النواب“.
وأضاف أن ”تحالف سائرون، وائتلاف النصر، مازالا يصران على الإبقاء على تكليف الزرفي، لكن الأغلبية السياسية الشيعية، رافضة لهذا التكليف، كما هناك حلفاء لنا من القوى السنية والكردية، هي تؤيد من نقرره، ولهذا تمرير حكومة الزرفي، مستحيل ولن يحصل مهما حاولت بعض الأطراف ذلك“. إلى ذلك قالت، النائب عن ائتلاف النصر ندى شاكر، إن ”رئيس الوزراء المكلف الزرفي، لا ينوي تقديم اعتذاره، وهو مصر على تشكيل حكومته قبل انتهاء المهلة الدستورية المخصصة له، كما هو يجري حوارات مع قادة الكتل السياسية كافة للوصول إلى توافقات لنيله ثقة البرلمان“.
وبينت شاكر أن ”الكتل السياسية الشيعية، ليس لديها اعتراض على شخص رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، وإنّما هناك اعتراض على آلية التكليف التي قام بها رئيس الجمهورية برهم صالح، فهو تجاوز تلك الكتل بهذا التكليف، ولهذا الحوارات جارية لتهدئة المواقف، رغم وجود حوارات من بعض الأطراف لايجاد بديل عن الزرفي“.
*
اضافة التعليق