لماذا تعجز الحكومة عن إكساء طريق الموت بين بغداد وإقليم كردستان؟

بغداد- العراق اليوم:

لم يدر ببال أسرة عراقية مؤلفة من ستة اشخاص، عادت لتوها من سفرة سياحية، أن يلقى 5 منهم حتفه، فيما يقبع طفل تحت رحمة غرفة الانعاش يصارع الموت، اثر حادث سير مروع شمالي قضاء الخالص، في محافظة ديالى، نتيجة رداءة ووعورة الطريق.

أقارب وأصدقاء هذه الاسرة، عبروا عن صدمتهم من الحادث المروع، الذي أودى برجل وامرأة وفتاتين وطفل، والذي لم يكن ليحدث، لو كان الطريق معبّداً بصورة أصولية ونظامية، أسوة بالطرق الخارجية في كل دول العالم، وحتى في الدول التي لديها ميزانيات أقل بكثير مما يملكه العراق.

وبرغم ان طول الطريق الرابط بين قضاءي الخالص وطوزخورماتو، لا يتجاوز 130 كيلومتراً، وتمر عبره يومياً أعداد كبيرة من السيارات بمختلف أنواعها، الا انه يتسبب سنوياً بالمئات من حوادث السير، وبالتالي مصرع واصابة العديد من مرتادي هذا الطريق، ما دعا العديد الى تسميته بـ “طريق الموت”، الذي يحصد الارواح بسلاسة منقطعة النظير، وسط تقصير حكومي غير مبرر.

ويعد طريق “بغداد – كركوك” أحد الطرق الرئيسة الحيوية في البلاد، لأنه يربط بين بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك ومحافظات اقليم كردستان.

ومنذ اسقاط النظام السابق عام 2003 ورغم تعاقب عدة حكومات، الا ان هذا الطريق بقي وعراً وتوجد فيه العديد من المطبات التي تشكل هاجساً لسائقي المركبات، فضلا عن قطوعات عديدة في جانبيه، حيث يضطر السائقون الى العبور بين جانبي الشارع عدة مرات، قبل الوصول الى الخالص (ديالى) أو بالعكس في طوزخورماتو (صلاح الدين).

وتواجه الحكومات المحلية في ديالى وصلاح الدين ووزارة الاعمار والاسكان انتقادات لاذعة، بسبب كثرة المطبات المفاجئة والتخسفات وغياب الانارة عن هذا الطريق، رغم الوعود الحكومية المستمرة باعماره واعادة اكسائه، في ظل استمرار حصد الارواح، إذ شهد 400 حادث سير خلال النصف الاول فقط من العام الماضي 2019.

وعلى الرغم من تخصيص وزارة الاعمار والاسكان مبلغ 12 مليون دولار لتمويل مشروع اعمار الممر من مركز ناحية العظيم وصولا الى قضاء الخالص بطول 25 كم، وتسلم الحكومة قرضاً من البنك الدولي لتمويل إعادة إعمار المناطق المحررة، ومنها جزء خصص لتمويل عقد اعادة تأهيل طريق الخالص – العظيم، الا ان الحال بقي على ما هو عليه الى الان، من دون تنفيذ فعلي، حسب سائقي السيارات.

يأتي ذلك في ظل مطالبات شركات اعمار محلية، للحكومة، بتوليها ملف اعمار المناطق المحررة، ومنها اعادة اكساء الطرق الخارجية.

مراقبون يرون ان الحكومة غير جادة في اعمار هذا الطريق الحيوي، لاسيما ان اكثر من وزير تعاقب على حقيبة الاعمار والاسكان والبلديات، كما ان علامات الاستفهام تدور حول مصير اموال الرسوم والضرائب السنوية التي فرضتها الحكومة على المركبات، التي تذهب ما نسبته 55% منها الى وزارة الأعمار والإسكان لصيانة الطرق والجسور الخارجية.

رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة ديالى صادق جعفر عبد الله الحسيني، قال، ان “وفدا من وزارة الاعمار والاسكان سبق له زيارة المحافظة، للبحث في هذا الصدد، ووعد بالبدء قريبا باعمار الطريق من ناحية محافظة ديالى”.

وعزا الحسيني تردي الطريق الى “تعرضه لعمليات عسكرية، خلال سيطرة تنظيم داعش، على اجزاء من المحافظة”، مبينا ان “هذا الطريق تعرض لانفجار 180 عبوة ناسفة، كما ان الاليات العسكرية الثقيلة استخدمت هذا الطريق خلال عمليات تحرير المناطق من سيطرة التنظيم، وبالتالي تعرضه لتكسرات وتخسفات”.

ولفت الى ان “هذا الطريق البري يعد احد اهم الطرق التي تستخدمها الشاحنات لنقل البضائع، وهذا أيضا اثر على ارضيته وتسبب بوعورة اجزاء عديدة منه”.

وعلى الصعيد الامني، نفى الحسيني “انتشار فصائل من الحشد الشعبي في السيطرات الامنية على هذا الطريق، بل ان القوات الماسكة للسيطرات فيه تتألف من الشرطة والامن الوطني والمخابرات والاستخبارات”، موضحا ان “قوات الحشد الشعبي تمسك الارض الان في نفطخانة وحاوي العظيم وشمالي المقدادية، وتركت السيطرات للاجهزة المختصة”.

علق هنا