بغداد- العراق اليوم:
نشيج وطني
عبد الستار البيضاني
• في العام 1992 التقيت الصديق القاص الفلسطيني رشاد أبو شاور (الصورة) على هامش مهرجان (ام المعارك) الذي اقامته الحكومة للأدباء العرب، وكنت قد شُفيت لتوي من اصابتي في الحرب، وكانت بغداد ماتزال تتنفس دخان المعارك وغبار الدمار، ومازالت عيونها مخضلة بالدم والأسى، وكان ابو شاور يسألني عن الحرب، وأنا احدثه بنبرة الموجوع عن ما جرى لنا، فقال لي بنبرة المواسي: صدقني أنا أحب العراق ويعتبرني البعض عراقيا أكثر مني فلسطينيا، لكن ما جرى لكم يخدم قضيتي!!.... • في العام 2014، وبعد احتلال الموصل، اتصلت بقيادي كردي تربطني به علاقة صداقة، وسألته عما جرى في الموصل، فقال لي: ... المهم.. اننا اخلينا حتى أثاث الفرع الخامس قبل دخول داعش .. وأضاف ساخرا: سنترك لكم ماتبقى من الوطن وأشبعو خلافات على الدين وعلى ورثة النبي محمد واحاديثه..!. قلت له مستغربا: ماعهدتك تتكلم بهذه اللغة؟!. فقال : لاتزعل مني! .. لو انك خيرت بين مدينة آمنة ومدينة تسفك فيها الدماء ويعمها الفساد باسم الوطن.. فلن يلومك أحد على اختيار المدينة الآمنة النظيفة !.. • ليلة أول امس أتصلت بصديق وسألته عن صحة اجتماعات (دبي) لاقامة الأقليم السني، فقال لي: اذا صح هذا .. ربما استوعبوا الدرس، فلا تلمهم اذا خافوا على مدارسهم ان تغلق وعلى حرم جامعاتهم ان يُحرق بأسم الوطن .. واضاف متهكما بمرارة؛ سيتركون لكم ما تبقى من المدن لتتنازعوا على جسورها.... • نُكئت الجراح ،وهاجت الأحزان، وتزاحمت في عيني صور كل اصدقائي الشهداء بدءا من الذين رفعتهم المشانق (الوطنية) من مقاعد الدراسة، مرورا بالذين قضوا بالحروب (الوطنية)، وشراب السيانيد (الوطني)، والإغتيالات (الوطنية)، وحتى قنابل الدخان المسيل للدموع (الوطنية)... قلت لهم : هذه البلاد تتبدد من بين اصابعنا مثل الرمال .. فيا أصدقاء الصبا الشهداء الأمل الذي زرعه في رؤوسنا رسول حمزاتوف ب(وطن حنون وأمرأة رائعة)، هو محض وهم، فقد استبدلنا حنين الوطن ب(التخوين)، واستبدلنا روعة النساء بوجع الفقدان. ( ياوطن يا حلو شمس الله محرابك) .. لكن للأسف (يا موطني ياهو اليجي ويدك على بابك). ملاحظة: هذه دعوة للتأمل وليست للتشاؤم .. وكل الاراء المؤيدة او المعارضة محترمة ما دامت تلتزم بأدب الحوار.
*
اضافة التعليق