بغداد- العراق اليوم:
كشفت مصادر سياسية مطلعة في بغداد، الثلاثاء، أن الحكومة العراقية تسعى إلى التوسط بين إيران والسعودية، أملا في منع المنطقة من الانزلاق إلى هاوية مواجهة عسكرية، تجر عليها عواقب وخيمة. وقالت المصادر إن “بغداد تحركت خلال الأيام القليلة الماضية، لتكون وسيطا بين طهران والرياض”، مشيرة إلى أن الوساطة العراقية تستهدف جمع الرئيس الإيراني حسن روحاني مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بغداد. ووفقا للمصادر، فقد بدأ العراق فعليا في جس نبض كل من السعودية وإيران في هذا الشأن، مؤكدة أن “هذا المسار، ربما يتطور بعيدا عن الولايات المتحدة”. وتستشهد المصادر، بإشارة رئيس الجمهورية برهم صالح، خلال مقاله الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أمس الاثنين (23 أيلول 2019)، إلى نية العراق “دعوة جيرانه للاجتماع في بغداد لإجراء محادثة تبدأ بضرورة دعم استقرار العراق وتجديده الاقتصادي”، مؤكدا أن العراق يعمل بهدف “تحديد مجالات العمل التعاوني الفوري ورسم خريطة طريق لتحالف إقليمي أكثر تماسكًا”. ويعتقد متابعون لشؤون المنطقة، أن الوساطة العراقية ربما تركز على الملف اليمني، من خلال تهدئة طرفي الأزمة فيه، وهما إيران والسعودية. ووفقا لخريطة الاهتمامات الدولية الحالية، فإن اليمن، ليست جزءا من الاهتمامات الأميركية، ما يعني أن بإمكان السعودية التفاهم بشأن هذا الملف مع إيران، من دون إشراك الولايات المتحدة. ويمكن للوساطة العراقية، في حال نجاحها، أن تفتح خطوط تواصل إقليمي بين طهران والرياض عبر بغداد، من دون المرور بواشنطن، للتخفيف من حدة التوتر، الذي بلغ مداه الأقصى في هذه الأيام. وكشفت الهجمات التي استهدفت منشآت ارامكو لتكرير النفط، عن مدى الاضرار البالغة، التي يمكن لإيران أن تلحقها بالسعودية، إذ تسببت هذه الهجمات في شلل للاقتصاد السعودي، وخلفت آثارا يصعب تلافيها بسرعة. وينطلق العراق في مشروع الوساطة من حاجته الملحة إلى ضمان ألا تتحول أراضيه إلى ساحة لمواجهة إقليمة، فضلا عن حاجة إٍيران حاليا إلى تنفيس الضغط الداخلي الهائل، بسبب آثار العقوبات الاقتصادية. لكن المرتكز الرئيسي للوساطة العراقية يستلهم الحاجة السعودية الكبيرة لاتفاق ينهي حالة القلق التي تسيطر على الرياض، بسبب المخاطر المحيطة. وتعول بغداد على هذه المعطيات المقلقة، لإقناع أطراف الأزمة بقبول وساطتها العاجلة، وتخفيف الاحتقان في المنطقة. على هذا، تتوقع المصادر أن يقوم العراق بـ “خطوة كبرى” نحو السعودية، خلال الأيام القليلة المقبلة، من دون أن تحدد طبيعتها.ومع أن السعودية لم تعلن صراحة نيتها بحث مسار سلمي للأزمة في المنطقة، إلا أنها استخدمت لغة هادئة خلال الأيام التي تلت الهجمات على أرامكو، في إشارة إلى أنها تتجنب التصعيد. على الجهة المقابلة، تعمل إيران في مسارين، وفقا لمحللين وخبراء، يركز الأول على تشجيع هجمات داخل الأراضي السعودية، من قبل حلفاء في اليمن بشكل أساسي، بينما يتمثل المسار الثاني بصيغة إعلان طهران المتكرر استعدادها للمفاوضات بهدف التفاهم.ويضع الخبراء المبادرة الإيرانية لحماية أمن الخليج بمشاركة السعودية في سياق المسار الثاني، جنبا إلى جنب مع الإعلان الحوثي عن وقف الهجمات بالطائرات المسيرة ضد السعودية، فضلا عن الدعوة “الهادئة”، التي وجهها زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، يوم الجمعة، إلى الرياض لإغلاق الملف اليمني، من دون أن يصحبها الهجوم التصعيدي المعتاد ضد السعودية. وتقول المصادر، إن الأيام القليلة المقبلة قد تكون حاسمة فيما يتعلق بمستقبل الأزمة الإقليمية، التي يقع العراق في قلبها.
*
اضافة التعليق