بغداد- العراق اليوم: ينتاب المراقبين للشأن السياسي في العراق، خوف وقلق من اندلاع حرب وشيكة على الأراضي العراقية بين امريكا وحلفائها من طرف، وبين إيران من طرف أخر، في وقت لا يرى المراقبون أي خطوات عملية من الحكومة الحالية في النأي عن هذا الصراع الذي سيكون مدمراً للبلاد، مع عودة احتقان سياسي شديد، وتصعيد طائفي تقوم به قوى سنية كانت السبب الأكبر في تفجير اوضاع العراق في 2014، وانهيار القوات الأمنية وسقوط المدن " السنية" بشكل سريع ودراماتيكي، في وقت دعا مختصون في السياسات الأمنية الى ضرورة اتخاذ مواقف سريعة من قبل الحكومة الحالية لتجنب وقوع كارثة أمنية أخرى. وذكر الباحث السياسي احمد طاهر الهلالي لـ " العراق اليوم"، أن " اتجاه الأوضاع في العراق نحو التأزيم، سببه عدم وضوح سياسة العراق الخارجية من الأزمة المتفجرة بين واشنطن وطهران، وعدم الالتزام بسياسة النأي بالنفس التي اعلنتها حكومة العبادي، وادعت الحكومة الحالية الالتزام بها، فضلاً عن تحول العراق الى متنفس لهذه الأزمة، او ساحة اختبار لصبر طرفي النزاع الذي ينذر بحرب وشيكة قد تكون اثارها مدمرة على منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره". وبين أن "ضعف الموقف ناجم، عن انقسام سياسي حاد في البلاد، واصطفاف سياسي وطائفي مع كلا الجانبين المتخاصمين، وسط ضعف الحكومة في ضبط ايقاع هذا الانقسام والحد من ظهوره العلني كمواقف خارجية، فالأولى ان تلتزم الحكومة بسياسة النأي بالنفس فعلاً، ومن ثم تلزم كل الاطراف بهذه السياسة لتجنيب العراق اي دخول في معركة ليست بصالحه، وأيضاً افهام الأطراف المتنازعة بضرورة تجنيب العراق اثار هذه الأزمة". وأضاف " كما أن دخول اسرائيل على خط الأزمة يأتي من باب محاولة هذا الكيان الدفع بالعراق للانزلاق في حرب استنزافية، ومحاولة احراجه، ودفعه بقوة للاصطفاف مع المحور الايراني المعادي لها، وهذا ايضاً يجب ان يحسب له حسابات دقيقة ". من جانبه، رأى المحلل السياسي نزار حامد البصري، أن الأزمة الحالية يجب ان " تفكك بعقلانية وبحكمة، وأن يصار الى بدء مرحلة حوار سياسي داخلي عراقي بين كل الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة في المشهد بشكل حقيقي ( فصائل مقاومة، اطراف سنية، قوى معارضة) وأن تدرس الخيارات المتاحة لتجنيب عودة الاشتباك الطائفي في البلاد، او الرهان الخاطئ على الحرب الأقليمية بوصفها قد تحدث متغيراً في الواقع السياسي العراقي". وبين أن " نتذكر انخراط الجانب السياسي السني في ما سمي بالثورة السورية عام 2011، والتهليل لها باعتبارها ثورة " سنية " ستسقط حكم العلويين في سوريا وتقيم نظام سني جديد، وبالتالي سيكون سقوط نظام بغداد أسهل واسرع، الا ان هذه الحسابات كانت خاطئة تماماً وتسببت بتدمير المدن السنية قبل غيرها، وقادت الى حرب مدمرة، ولم يسقط النظام السوري". ورأى أن " هناك تحفيزًا خفياً من قبل القوى الخارجية للشارع السني للأسف بذات الاتجاه، ومحاولة تصوير الحرب على إيران على أنها المخلص من الحكم الشيعي، وهي قراءة خاطئة وكارثية، يجب ان يوضحها الحوار الداخلي ويوضح تداعياتها على الواقع العراقي ". وكان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، اكد (التزام حزبه بموقف الحكومة العراقية، الداعي للحياد بشأن الصرع الأمريكي- الإيراني. وقال سلام في حديث صحفي، إن "الصراع الدائر بين امريكا من جهة وايران من جهة أخرى، هو لفرض الهيمنة ونحن على مقربة من الطرفين"، لافتا الى ان "الحركة التحريرية الكردية منذ زمن مصطفى البارزاني لم تكن لفرض الهيمنة وإنما كانت من اجل المطالبة بالحقوق". وأضاف أن "الإقليم يقف على المسافة نفسها من هذا الصراع، ويريد تجنيب المنطقة من أية حروب، ونحافظ على الحيداية في العلاقات مع امريكا وايران ولانتدخل لا من قريب ولا من بعيد"، مؤكدا "نريد أن نبقى بعيدين عن أي تهديدات بالحرب أو القتال". وأشار الى ان "اي حرب في باقي مناطق العراق، ستلقي بظلالها على اقليم كردستان، ولهذا نلتزم بموقف الحكومة العراقية الداعي للحياد وتجنيب الاقليم والعراق صراعات تأكل الأخضر واليابس، نحن في غنى عنها".
*
اضافة التعليق