في ذكرى اعدامه .. لماذا سكتت الحكومة والاحزاب ووسائل الاعلام العراقية عن التذكير بجرائم المقبور صدام ؟!

بغداد- العراق اليوم:

كان فجراً حاسماً، بل يوم لم يسبقه يوم في تاريخ العراق السياسي الحديث، ولن يتبعه مثله، ابدًا ما حيينا، ومهما عشنا من شدد ومحن ومآسِ، ابدًا، فصبيحة أول ايام عيد الأضحى المبارك في العام 2006، لا تشبهها صبيحة، بل هي يوم استثنائي في تاريخ العالم بأسره، حين افاق الجميع، وبدلاً من ان يتبادل الشرفاء تهاني العيد، تبادلوا التهاني بإسدال صفحة الظلم والطغيان والجرائم التي لا تعد ولا تحصى، تباشر العراقيون في الوطن وفي أقاصي الكون، بمناسبة وأد أكبر مجرم عرفته الانسانية جمعاء، وانهاء صفحات سود من تاريخ كتبه هذا الدكتاتور بالدماء الزكية، وشق على أرض الفراتين، فراتًا ثالثاً من دماء العراقيين، سواء اكانوا مواطنين او سياسين او متدينين، سنة أو شيعة، شبكاً ام تركمان أم كرداً أو ايزيديين، والخ .. من التنوع العراقي الخلاق، هذا الرجل الذي كان يستحق الاعدام منذ اول جرائمه التي اقترفها، كما يقول زميله المنشق لاحقاً ابراهيم الزبيدي في مذكراته، عن أول جرائم صدام الفتى، حين قتل المعلم سعدون -احد منافسي خاله سيء الصيت المقبور خير الله طلفاح- وبعدها توالت جرائم الشاذ صدام، جريمةً تتلو جريمة، وصولاً الى اشتراكه في محاولة اغتيال للشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي صفح عنه وعن شلة الغدر والخيانة والعمالة، الا أن هذه الجماعة المارقة، استمرت في جرائمها، وصولاً الى شباط 1963 الأسود وجرائم البعث النكراء بحق ابناء الشعب العراقي، لا سيما الشيوعيين الوطنيين، ومن ثم تسلمهم السلطة في 1968 بمعنونة الدوائر الاستعمارية، ليبدأ صدام بكتابة روايته " الايام الطويلة" التي ملأها بالقتل والفتك والبطش والتنكيل بحق الابرياء، ليقيم مملكته العائلية المتخلفة، على تلال من جماجم الابرياء الذين فقدوا حياتهم، سواء في جرائمه الرهيبة من قصر النهاية، وصولاً الى حاكمية المخابرات المظلمة، وأقبية السجون التي لا يعرف العالم لها مثيلاً، الى التصفيات الجماعية التي لم تسثنِ حتى رفاقه البعثيين، الذين اعدمهم في مجزرة قاعة الخلد الرهيبة، مروراً بحربه وعدوانه على الجارة ايران، التي فقد فيها الجانبان مليوني انسان بريء، لا ذنب لهم، سوى انه جاء بالوقت الخطأ والمكان الخطأ، حيث ثمة دكتاتور يحمل مخططاً لتدمير هذه البلاد، وابادة اهلها وارضها وسمائها، وهذا ما اكمله في حماقة احتلاله للكويت، وما استتبع ذلك من مآسِ لا تزال اثارها ماثلة للعيان لغاية الساعة. لقد دمرت سنوات حكم صدام للعراق، كل شيء تقريباً، فانتهت البلاد الى ساحة اعدام كبرى لكل معارض، وانتهت دول العالم في اقاصي الأرض الى مناف للناجين من شهوة الدكتاتور ودمويته، حتى عرف العراق اعظم هجرة لابنائه في التاريخ، ووصل عدد المهجرين قسراً الى 4 ملايين عراقي، حسب المنظمات الدولية، وليجهز صدام على الصناعة والزراعة والاقتصاد، والتعليم والثقافة والفنون والعلوم، بل واجهز على الطبيعة البكر، حين دمر المحميات الطبيعية في شمال العراق، واقترف جريمة تجفيف الأهوار، التي تعد اعظم كارثة بيئية شهدها القرن العشرين باعتراف منظمات دولية. لا يمكن في مثل هذه العجالة ان نمر على جرائم صدام، وما اقترفه بحق شعبنا العراقي، لكننا يملؤنا الأسى لتقاعس الضحايا، والدولة الجديدة بمؤسساتها من توثيق هذه الجرائم، وحفظ هذه المدونات التاريخية لعرضها امام الاجيال الشابة التي لم تعش مرحلة هذا الدكتاتور، ولم تذق ويلات سياساته، بل ولم تحفظ هذه الجهات، سواء اكانت احزاباً  او منظمات، أو وسائل اعلام، او مثقفين وناشطين، على الأقل ذكرى الخلاص من ربقة هذا الطاغية، وكيف ان القضاء العادل والارادة السماوية، اقتضتا ان يقتص شعبنا المظلوم من جلاده، وان ينتهي هذا السفاح الى هذه النهاية، التي ارعبت كل طواغيت العالم، وأذلت الجبابرة، بل ودب الرعب في قلوب كل الصداميين، في الوطن وخارجه. أنها مناسبة عظيمة، وذكرى تاريخية يجب ان لا تمحى من سجل شعبنا، وان لا يدفعنا التنافس السياسي، او الحسد او الخوف والارتباك من ردود افعال الإعلام البعثي والعروبة الغاضبة ، من التذكير بيوم إعدام الطاغية، وأن نتغاضى عن منجزات كبرى، لولاها ما تحقق التحول الديمقراطي، ولما عشنا اليوم اجواء الحرية، وأن كانت تعاني من مشاكل وارهاصات كثيرة سببها الأساس ذلك  النظام المجرم.

مؤكداً ان الاحتفاء بمثل هذا اليوم، هو جزء من تجديد العهد والولاء لدى كل عراقي حر، بمقاومة أي طغيان ات، أو تغول قد يحدث من أي حاكم، بل هي تذكير للقائمين على الأمر اليوم، قبل غيرهم من أن شعبنا سيقتص من أي ظالم مهما طال الزمن، ومهما امتلك من آلة رعب وقتل وتدمير، فالشعب اقوى من الطغاة دائماً وأبدًا.

المجد للشهداء والمضحين، والعار كل العار للبعث واذنابه واعوانه، وصدام وزبانيته الذين ذهبوا غير مأسوف عليهم الى مزابل التاريخ، تلاحقهم اللعنات والعار الأبدي.

علق هنا