بغداد- العراق اليوم:
بعد سنوات طوال امضاها في وكالة شؤون الشرطة، والتحسن الملموس الذي طال مفاصل هذا القطاع الأمني على يديه، والذي لا يمكن لأي منصف إنكاره، خاصة في ما تحقق من استقرار وضبط، كان قطاع الشرطة العراقية يفتقدهما، فوجيء الجميع بعدم التجديد للفريق موفق عبد الهادي، ومن ثم إحالته على التقاعد، وهي للحق خطوة ظاهرها منسجماً مع القانون، حيث بلغ سن التقاعد القانونية، وباطنها إخراج الرجل من منصبه لصالح شخص آخر ( لم يأت بعد ) يقال أنه مسنود من قبل شخصية تمثل المستوى الأول من الرئاسات في الدولة، وقد كان على رئيس الوزراء عبد المهدي ان لا يغامر باللعب غير المضمون بورقة الأمن، لا سيما وإن هناك مئات المناصب المهمة التي يمكن ان تسند للشخص المراد تعيينه وكيلاً لشؤون الشرطة، دون ان يقترب من موقع حساس يمنع التقرب اليه واللعب به، فالملف الأمني العراقي في الظروف الحالية ملف خطير للغاية يتطلب رجالاً ذوي خصائص ومميزات وخبرات عالية، واستثنائية، لا تتوفر الا في أشخاص من شاكلة ونوعية الفريق موفق عبد الهادي، والفريق طالب شغاتي رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، والفريق عبد الوهاب الساعدي قائد قوات مكافحة الارهاب، واللواء سعد العلاق مدير الإستخبارات العسكرية، وغيرهم من كان على شاكلة هؤلاء الأفذاذ، فهؤلاء القادة الكبار صقلتهم التجارب، ونحتتهم الملمات والصعاب، حتى باتوا اليوم كنوزاً من المعارف والخبرات والمعلومات ، وعقولاً مكتنزة بكل ما يتعلق بشؤون الأمن، واصبحوا مفاخر يتباهى بها العراقيون، وتحسدهم عليها دول العالم المتقدم والنامي، ولو لم يكونوا كذلك لما سحقنا بقيادتهم، جيوش الإرهاب الداعشية! كما تمنينا على وزير الداخلية الجديد الدكتور ياسين الياسري أن لايقبل بإحالة الفريق موفق على التقاعد، إذ كان عليه ان يكون له موقف رافض، لاسيما وهو يعرف قدرات ونزاهة هذا الرجل، ويعرف مدى حاجته اليه، وهو يتولى منصبه الوزير المهم والخطير، والذي يتطلب دعماً ووجوداً وتعاوناً من اصحاب الشأن، وهل هناك وجوداً أهم وانزه واصدق من وجود وتعاون الوكيل موفق عبد الهادي في مجالات الشرطة؟ صحيح ان اللواء عماد الذي تولى مؤقتاً منصب الفريق موفق هو شخص ممتاز ، وهو أحد الذين عملوا مع الفريق موفق، لكن الحاجة والظرف والمسؤولية تحتاج عودة الفريق موفق لهذا الموقع حالاً، خصوصاً بعد حلول كارثة مركز شرطة القناة، ليشكل مع اللواء عماد وبقية فريق الوكالة سداً منيعاً بوجه أي خلل أو خرق لهذه المواقع الأمنية الخطيرة، لذا فأن وزارة الداخلية مطالبة بشخص وزيرها الياسري بالضغط على الجهات المسؤولة لإعادة عبد الهادي للمنصب، قبل ان تتكرر الكوارث الأمنية، وتزداد المصائب المماثلة، لاسيما وإننا سمعنا أن الأمر الديواني باحالة الفريق عبد الهادي على المعاش لم يصدر بعد، خاصة وإن الرجل يتمتع بصحة جيدة وقدرة واضحة على اكمال مسيرته الوظيفية، مع قوة الشخصية والكاريزما المؤثرة، وقبل هذا توفر الالتزام المهني والوطني الواضحين. نعم، فبعد اسبوع على احالة الفريق عبد الهادي على التقاعد تحدث كارثة مركز شرطة القناة، الامر الذي لم يسجل له سابقة طوال اعوام خلت من ادارة الرجل لوكالة شؤون الشرطة او تصديه للعمل في الوزارة بعد غياب وزيرها، لذا فأن مثل هذا الخرق يعيد للجميع السؤال عن الهدف من التغيير، وهل الهدف من التغيير هو لأجل التغيير، ام الهدف لتطوير المنظومات والمؤسسات، فأذا كانت القيادة والادارة كفوءة، متمكنة من ادواتها اصبح التغيير هنا ضارًا، لا نافعًا، واصبحنا في مجال تبديد الثروات لا الحفاظ عليها، كما يقتضي منطق الامور، فما الذي نجنيه، حين نحيل ضابطًا كفوءاً انفقت الدولة عليه الكثير، وانفق هو الكثير من الوقت والجهد ليصل الى هذه المرتبة من الخبرة والحنكة والدراية والقدرة على القيادة والادارة. سؤال نضعه أمام المعنيين في مكتب القائد العام للقوات المسلحة ومعالي السيد وزير الداخلية، اللذين يقتربان كثيرًا من مفهوم المهنية والتكنوقراطية الذي بدأت العملية السياسية بالسير نحوه، وسؤالنا هذا يمثل دعوة عراقية صادقة للنظر في امر احالة الفريق موفق للتقاعد ، وفي نفس الوقت هي دعوة للجنة الامن والدفاع النيابية للنظر في هذا الامر والطلب من مكتب القائد العام التريث في اصدار الامر الديواني بقرار الاحالة على التقاعد، خصوصاً وإن النائب الدكتور عدنان الأسدي قد أكد مراراً على ضرورة التجديد للفريق موفق، لاسيما وإن الرجلين قد عملا معاً في وزارة الداخلية لفترة غير قصيرة، بحيث يعرف النائب الاسدي مدى الفائدة التي يقدمها التجديد للملف الأمني، خصوصاً مع افتقار الوزارة لشخصية بثقل الفريق موفق وخبرته لادارة مفصل مهم كقطاع ادارة الشرطة، فهل سنجد من يصغي ؟
*
اضافة التعليق