بغداد- العراق اليوم:
رياض الفرطوسي
كيف تفسر انتشار ظاهرة الرشوة واعتبارها امرا عاديا في الاوساط الاجتماعية ‘ حتى تحولت الى مراس اجتماعي يقابل بالاستجابة ‘ بدل ان يكون جريمة او خيانة ؟ كيف استطاع المجتمع من خلال الادراك او ( بدونه ) ان يحول هذه الظواهر ‘ على نطاق التعميم . بل ان الفساد والرشوة مواضيع تحولت الى مادة للحوار والنقاش ‘ بدل ان تكون جرائم يعاقب عليها ويحاسب من تثبت ادانته . كيف يمكن تبرير ذلك مع جمهور غاضب في الليل امام شاشات الكاميرات ‘ ويشتم الفاسدين ويستنكر الفساد والرشوة وكل مظاهر عدم احترام القانون . لكن في الصباح نفس هذا الجمهور يقوم بسرقة بعضه البعض ‘ ويتبادلون الادوار بين ضحية تدفع وسارق يبتز . لا احد اليوم غافل عن ان الفساد منذ بدء الخليقة ‘ هو ظاهرة سيئة وعمل رذيل ‘ لكن كيف استطاع المجتمع هضم واستيعاب هذه الافة ؟ عندما تتعامل مع واقع منظم ومستقر لا تحتاج الى تبرير شي ‘ ولا تحتاج الى مصدات واقية من احتمال ضربة او مباغتة غير متوقعة ‘ ولست بحاجة ان تفكر بشكل مختلف او بطريقة غير صحيحة . او ان تقوم بوضع اقنعة لا تشبه وجهك الحقيقي للتمويه . المجتمع الحقيقي هو من يخلق او ينتج بيئة نقية وناصعة البياض ‘ واضحة ومتصالحة وفق القناعات والتصورات داخليا وخارجيا ‘ لكن في مجتمعات الاشباح والالغاز والوجع والامراض الامر مختلف تماما ‘ في مثل هكذا مناخات تشعر كما لو انك في مستنقع مظلم ‘ تتعرض فيه كل يوم الى الجلد والتعذيب والافتراء والسرقة ‘ والكذب والقيل والقال والحسد ‘ دون ان تستطيع فعل شي ‘ الناس الاسوياء يحلمون بمناخ انساني في مساحة من الدفء والطمأنينة والصدق ‘ ومن الكرامة والحرية والوضوح . باختصار .. تعرض الواقع للتشويه ‘ انت في محيط مر بكوارث ومحن وطحنت الناس فظاعات القتل والحروب والارهاب . وقد يسأل سائل .. ولكن في الغرب تعرض الناس ايضا الى حروب طاحنة ‘ ولكنهم نجو من تبعات من نمر به نحن اليوم . يعود سبب ذلك الى ان الاوربيين تحرروا من الماضي ‘ وانطلقوا بأتجاه حداثة كونية ومعلوماتية مبهرة وسريعة ‘ مع وجود فلسفة للتسامح الانساني والتصالح مع الذات .
*
اضافة التعليق