بغداد- العراق اليوم: عبد الخالق الشاهر تزامن كوني طالبا في كلية الدفاع الوطني / جامعة البكر (جامعة الدفاع الوطني حاليا) ، بعد انتهاء الحرب الاولى بين العراق ونصف العالم القوي بقيادة امريكا ، بدأت بدعة ان العالم لا بد وأن يكون ثنائي القطب وأن تفرد امريكا مؤقت جدا وفرح العراقيون بهذه البدعة الستراتيجية، وكنا في تلك الكلية الرائعة ندرس قدرات العالم كله ونقسمها الى قدرة اقتصادية وقدرة سياسية وقدرة اجتماعية بعدها تكنولوجيا وتطور علمي وفي الأخير القدرة العسكرية ... جاءنا محاضر اتذكر ان لقبه البستاني وهو خبير اقتصادي كبير فسألته لغاية في نفسي عن امكانية ظهور قطب ثاني فقام الى السبورة قائلا ان كل قوة عمادها الموارد وفن ادارة هذه الموارد أي ان الاقتصاد هو عماد كل قوة وقوة الاقتصاد تقاس اساسا بمقدار الناتج القومي الاجمالي الصافي ، وبدأ يكتب حجم ذلك الدخل لدول مرشحة لأن تشكل قطبا ثانيا ومنها الصين وروسيا والاتحاد الاوربي والمانيا الموحدة واليابان وجمع ناتجها المحلي فكان لا يوازي ناتج الولايات المتحدة الامريكية .. مما دعاني بعد عقد من الزمن ان تكون احد النقاط التي قدمتها للرئيس صدام حسين خلال مقابلتي له مع المواطنين قبل الاحتلال بسنة ((امريكا ستتدحرج من القمة الى السفح كما قال سيادتكم ، ولكن يتطلب الامر ان تتسلق دولة لتشاركها القمة اولا ومن ثم تدفعها الى السفح ، وهذه القوة غير موجودة خلال الثلاثين سنة القادمة على الاقل )) .. وكان لي صديق مهووس يبغض الرئيس صدام وكان حلمه يكمن في سقوطه كي (( يتمكن من ان يضع رجلا على رجل عندما يتحدث مع رجل الامن كالعالم الديمقراطي)) على حد قوله وتحقق حلمه والتقيته وكان فرحا ، ومرة اخرى بعد الاحتلال بسنة ونصف وكان متوترا فسألته ماذا عن الرجل على رجل فأجاب سأشلع خارج العراق ، زار امريكا واتصل بي من هناك فسألته عن امريكا فأجاب بأنها رمز للقوة لا يمكن تخيله ، وأردف .. وكم اتمنى اليوم لو ان صدام حسين قد زار امريكا يوما لأنه لو كان زارها لما كان قرر ان يقاتلها ، قلت ولكنه لو لم يقاتلها لما تحقق حلمك بسقوطه فأجاب بأنه يتمنى اليوم لو انه لم يسقط ( ان كان في ذلك تمجيدا او ترويجا او تمهيدا فلست انا القائل ويمكنني تزويدكم باسمه قبل التحقيق الاولي؟؟؟ وقبل المحاكمات). تخرجت من الكلية اعلاه واشغلت مواقع عدة وعدت مدرسا ومدرس اقدم وبعدها رئيسا للهيئة التدريسية للكلية ويتذكر طلبتي الاعزاء الذين كانوا قادة في الحزب والدولة والجيش اني كنت أؤكد على ان ننصرف الى امتلاك عناصر القوة الشاملة قبل ان نتحدى اية جهة كانت وان انتصارنا على ايران الاقوى منا ثلاثة مرات ، لا يعني اننا يمكن ان ننتصر على الاقوى منا الف مرة وكنت اوضح لهم مفهوم القوة الشاملة بالآية الكريمة (( وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل.... )) الأنفال59 ، وسبق ان استندت الى هذا الجزء من الآية لتقديم بحثا عن الستراتيجية الشاملة / العامة (grand strategy) والتي انصح بالابتعاد عن الخطأ الشائع بتسميتها أستراتيجية فهي ستراتيجية كما تقرأ من اصلها الانكليزي . قلت في بحثي ان الستراتيجية الشاملة لم يخترعها الغرب بل هي وردت في القرآن الكريم حيث ان رباط الخيل يعني القوة العسكرية وهناك ورود (للقوة) بمعناها الشامل لأنها وردت قبل القوة العسكرية . عليه واستنادا للقول (( لا سوق اليوم الا السوق الشامل )) أي لا ستراتيجية اليوم الا الستراتيجية الشاملة مما يدفعنا لمعرفة ان الاستعداد للصراع من عدمه يعني استعداد عناصر القوة الشاملة ( السياسية – الاقتصادية - الاجتماعية – العسكرية (رباط الخيل ) للمنازلة لعل أحد أوجه الخيانة العظمى برأيي المتواضع هو المداهنة او الخوف او التملق او المزايدة او التظاهر بالوطنية فالوطنية الحقة هي في ان تجنب شعبك مواجهة الاقوياء وهو ضعيف عندما تقدم مشورة او رأي يتعلق بصراع يخوضه أهلك وبلدك ، ولذلك سبق وأن كتبت للرئيس صدام حسين خلال مقابلتي له مع المواطنين قبل الاحتلال بسنة (( نعول احيانا سيدي على الشارع العربي/روسيا/ الصين ، وهذه كلها لها ادوار اما هامشية او مكملة ، وعندما يتكلم المدفع الامريكي ستخرس كل الاصوات وسنجد اننا وحدنا في الساحة بكل ما نملكه من ضعف نتيجة الحصار الجائر مقابل امريكا بكل ما تملكه من قوة وعنجهية وسيضيع البلد ...)) وكنت قد بوبت دراستي له على وفق الستراتيجية الشاملة وعرضت نقاط الضعف ال (32) والتي كان نصفها بسبب الحصار وفقا لعناصر القوة الشاملة (سياسة اقتصاد اجتماع عسكر) ، عرضتها في فجر الليلة التي قرر فيها الحكام العرب في مؤتمر قمة عمان التخلي عن العراق واليوم وفي وضعنا الراهن سوف لن اعرض نقاط الضعف ال (1000) لأني سبق ان ذكرتها في مقالاتي ، ولأن الجميع يعلم بها ابتداء من السيد عبد المهدي مرورا بكل السياسيين وصولا الى المواطن الأمي البسيط فبمجرد ان يسأله مقدم برنامج في الشارع يجيب (( لا ماي لا كهرباء لا عمل لا تبليط ولا ثم لا وغالبا ما يبكي بعدها )) . كتبت هذا المقال لأوضح لسياسي عراقي صرح قبل ايام مطلبا الحكومة ان (( تتعامل مع امريكا من موقع (القوي)..)) فيبدو من خلال هذا التصريح اننا لا نزل قاصرين في فهم معنى (القوة) أو اننا فهمناه على انه رداء نرتديه اثناء (التعامل) او ان امريكا وغيرها لا يعرفون عناصر قوتهم وضعفهم ولا عناصر قوتنا وضعفنا ، وبالتالي فهم يعرفون ونحن نعرف اننا نمتلك اقتصاد معتمد في 93%منه على نفط يمكن قطعه متى شاءوا ،وتتقطع شرايينا معه ، وأن حصة الفساد من وارداته معروفة لديهم ، اما القوة السياسية فهم يعون ونحن نعي ان سيادتنا منقوصة وأرادتنا مرتهنة ، وأننا لم نكمل كابينة يوما ، اما القوة الاجتماعية فهم يعرفون ان ما يقرب من مائة الف عراقي انتحروا العام الماضي احدهم انتحر بسبب لعبة (البوبجي؟؟؟) وليس (بسبب الاحباط من وضع البلد) كما قال السيد الكربلائي في خطبة اليوم ويعرفون ان ولاءات الشعب باتت متعددة كسياسييهم، اما القوة العسكرية فهم يعرفون ما جرى في الموصل في حزيران الاسود فلنتق الله في شعبنا ونبدأ بالبناء.. بناء القوة الشاملة ، ولدينا القوة الكامنة التي يسهل تحويلها الى قوة حقيقية اذا امتلكنا الارادة .. ارادة التغيير بعد (الترجل عن ظهور الخيل ..) وبعدها يكون لكل حادث حديث ولنمتطي ظهور الخيل من جديد . 10/5/2019
*
اضافة التعليق