بغداد- العراق اليوم: لا يخفي سكرتير الحزب الشيوعي والقيادي في “سائرون” رائد فهمي، تحفّظه –إن لم يكن اعتراضه- على فكرة توزيع المناصب الرفيعة في الدولة بين الأحزاب وفق المحاصصة، لكنه يناقش أيضاً مدى واقعية الحلول المُقترحة وإمكانية تطبيق بعض التصريحات التي تطالب بإبعاد التيارات السياسية وجماهيرها عن مناصب الدولة نهائياً، فيما يبدو تيار الحكمة أكثر انهماكاً بالتفكير في “خيار ثالث أو رابع.. يحلّ الأحجية، كيف يُمكن إنهاء ملف المناصب بالوكالة.. وإنهاء تفرّد جهة واحدة بآلاف المناصب دون تقاسم تلك المناصب وفق المحاصصة؟ خاصة وأن تيارات كالحكمة وسائرون، قطعت وعوداً عديدة لجماهيرها بالعمل على إنهاء “المحاصصة السياسية” أو عدم التورط في “لوثتها” على الأقل، لكنها لا تستطيع أيضاً -وفق قياداتها- تنفيذ شيء من البرامج والوعود في دولة يقود مفاصلها الرئيسة “شخصيات بالوكالة تنتمي في الغالب إلى حزب واحد”. “الغنيمة: 10 مناصب لكل نائب!” تشير كثير من الأرقام غير الرسمية، إلى وجود مئات المناصب المشغولة بالوكالة، مدراء عامون، وكلاء وزارة، عضوية ورئاسة الهيئات المستقلة، البعثات الدبلوماسية، وغيرها. مسؤول في إحدى الوزارات المعنية، قال إن الأرقام المتداولة لأعداد المناصب (450) هي أقل بكثير من الأرقام الحقيقية، مؤكداً ان نحو 4 آلاف منصباً مازال يُدار بالوكالة، بعضها منذ 15 عاماً، ويبيّن “ليس هناك مناصب مرّت رسمياً سوى مفوضيتي الانتخابات وحقوق الإنسان و30 سفيراً وربما بعض المناصب المعدودة الأخرى، يضيف المسؤول رافضاً كشف اسمه “إذا اعتمدت الكتل السياسية نظام المحاصصة، فإن المناصب لا تكفي لإغراق الكتل السياسية فحسب، بل النواب، فرداً فرداً، سيكون بإمكان كل نائب في هذه الدورة أن يحصل على ما معدّله 10 مناصب، إذا تمكن من الاتفاق مع زملائه على تمرير تفاهمات من هذا النوع” ماهو الجانب “المُخيف” في صفقة التقاسم؟ وتذهب “السيناريوهات المتخوّفة”، إلى أن تصويت البرلمان على آلاف الدرجات الخاصة بناءً على ترشيحات الكتل، سيعني بناء “امبراطوريات حزبية” في جسد الدولة، قد تستمر عقداً مقبلاً من الزمن، وهذه المرة بالأصالة، ويقول الخبير القانوني حسين السعدون في حديث لـ “ناس”، إن “التصويت على تمرير المسؤولين في البرلمان، سيمكنهم من الاحتفاظ بالامتيازات والعنوان الوظيفي للمنصب حتى في حال اعفائه من منصب دائرة معينة فلن يتمكن الوزير من خفض صلاحيات المدير العام “أصالة” او الغاء الامتيازات التي حصل عليها، ولن يشغل سوى منصب مدير عام ايضاً لكن في دائرة أخرى، وفق القانون، كما يجعل اقالتهم أمراً لا يقل صعوبة عن اقالة الوزراء، ويوفر استقراراً للمسؤول في المنصب، واطمئناناً بمستوى جيد، حيث سيمكنه إكمال فترته القانونية أولاً، وعملياً سيمكنه الاستفادة من صعوبة التوافق على المرشح التالي، ليشغل المنصب لفترات غير معلومة وكالةً، وهو غطاءٌ قانوني لا توفره مناصب الوكالة، التي يعرف شاغلوها، أن اقالتهم أو محاسبتهم أمر يسير”. سائرون ليس متشائماً: عبدالمهدي يستطيع ضبط الإيقاع ..
القيادي في تحالف سائرون، رائد فهمي، والذي تشير الأنباء إلى تصدر تحالفه (سائرون) مع شريكه (الفتح) ملف ترتيب صفقة تقاسم المناصب، يقول إن “الأمور لا تسير نحو انتاج دولة عميقة جديدة بدل الدولة العميقة السابقة، هذا بالتأكيد ما لا يسعى إليه ولا يرضى به، الحزب الشيوعي، ولا سائرون، ولا بقية الحلفاء، بل هو حراك يستهدف أولاً انهاء ملف إدارة الدولة بالوكالة، وهو مطلب لا تختلف عليه القوى السياسية، كما يستهدف انهاء تفرّد الحزب الواحد في أغلب مناصب الدولة”. ولكن.. هل نحن أمام محاولة لتوسيع المحاصصة لتشمل قوى أكثر عدداً تستولي على المناصب بالأصالة هذه المرة؟ يجيب فهمي “المشاركة في إدارة الدولة ليست ممنوعةً على القوى، هناك استحقاقات لا يُمكن تجاهلها، نعم، كنّا من أوائل المتنازلين عن الحصة الوزارية، لكن المشاركة في إدارة الدولة حقّ للجميع، ما نسعى له هو الوصول إلى وضع متوازن وصحّي وسليم، يتيح للجميع تحمّل مسؤولياته في إصلاح الدولة، أما المخاوف من ترشيحات التحالفات للمناصب الحكومية، فهي مبالغ بها، أو فلنقل أن التحالفات غير معنية بتلك المخاوف، فجميع أسماء المرشحين إلى المناصب الرفيعة ستمر عبر رئيس الوزراء، والبرلمان، بإمكان السيد عادل عبدالمهدي أن يوضح اشكالاته على الأسماء المقدمة، من ناحية الكفاءة او النزاهة أو اي اعتراض، بإمكانه أن يرفض تمرير مرشحين، ويوافق على آخرين، كما أن بامكانه صنع توليفة متنوّعة للمناصب، تشمل مرشحين يختارهم بنفسه، وآخرين من ترشيح التحالفات” وحول عدم تدخل رئيس الوزراء في ترشيحات الاحزاب للكابينة الوزارية، وتمريره أسماء الوزراء رغم الإشكالات التي ظهرت على بعض الوزراء، يقول فهمي “هذا شأن رئيس الوزراء، وقد اختار التنازل عن واحد من خياراته وحقوقه، هو يتحمل المسؤولية في النهاية” الشيوعي: حرمان مرشحي الأحزاب ينافي “المواطنة” وحول المطالبات التي ذهبت إلى رفع أذرع التحالفات السياسية عن التدخل في اختيار المرشحين للمناصب نهائياً، وفتح نوافذ ترشيح مباشرة، يقول فهمي “لا تبدو مطالب واقعية، تبدو أقرب من كونها دعوات مخصصة للتداول الإعلامي، وفضلاً عن هذا، كيف يُمكن سحب حق الترشح للمناصب العليا في الدولة من مواطنين عراقيين بذريعة أنهم ينتمون إلى تحالفات، أو قريبون من بعض التيارات، أو ان اسماءهم وردت عبر تحالفات سياسية، هذا لا يبدو مطلباً قانونياً” الحكمة: مكافحة المحاصصة عبر 3 مراحل تيار الحكمة، أحد أعلى الأصوات في انتقاد “صفقة تقاسم المناصب بين الفتح وسائرون” فيشاطر حليفه “سائرون” الشكوى من تفرد الحزب الواحد بمناصب الوكالة، يقول القيادي في الحكمة فادي الشمري “لا شك بأننا نسعى إلى إنهاء ملف الوكالات، والتخلص من تبعات مرحلة ماضية أرهقت مؤسسات الدولة، لكن هذا لا يمكن أن يقودنا للمشاركة في بناء دولة عميقة جديدة، مع ذلك، فإن الحلول لا تبدو ببساطة إطلاق تصريح او مقترح ينال الإعجاب، بل تحتاج مزيداً من التفاهم والتنسيق، هنالك آلاف المناصب والمفاصل المهمة، ولابد من الاتفاق على طريقة لشغل تلك المناصب، نحن في الحكمة، لسنا الكتلة الأكبر، ولا يُنتظر منّا أن نتمكن من قيادة هذا الملف بمفردنا أو إلى ما نتبناه، أو ان نتحمل مسؤوليته، لكننا أيضاً تيار جماهيري، لا تنتهي علاقتنا بجماهيرنا بعد يوم الاقتراع، نتواصل مع ناخبينا ونستمع إلى ملاحظاتهم، ولا يمكننا أن نتحوّل إلى صدىً لتفاهمات كتل أخرى مهما كان عدد مقاعدها، وفي ما يتعلق بمناصب الدولة، لدينا رؤية واضحة، نعمل عليها، وفق 3 مراحل: نعتقد أن علينا المضي بتفعيل مجلس الخدمة الاتحادي، الذي يحصي شواغر الدولة، ويستقبل طلبات شغلها، وفق معايير محددة، وهو ما نعرضه على الزملاء في الكتل التحالفات الأخرى. أما إذا لم نتمكن من إقناع الكتل الكبيرة بذلك، وأصرت القوى على تقاسم المناصب، فنقترح إعداد حزمة تشمل المناصب (الامنية والمالية والرقابية) وإخراجها من دائرة المحاصصة على الأقل. وفي المرحلة الثالثة، في حال عدم تفاعل الكتل الكبيرة مع أحد المقترحين السابقين، فسنتوجه لدعم قائمة معايير صارمة، بسقف شروط مرتفع، للمرشحين إلى المناصب، تسري على مرشحي جميع الكتل. “المعارضة قرار معلّق” وحول تأثير الملف على طبيعة التحالفات، وتحديداً مصير تحالفي الإصلاح، والبناء، يقول الشمري “حصلنا على تأكيدات من حلفائنا في سائرون على أن جميع القرارات السياسية ستخرج في الفترة الحالية والمقبلة من نافذة تحالف الإصلاح حصراً، وبالتشاور مع مكوناته، وملف تقاسم المناصب الحكومية هو ليس سوى قضية واحدة من جملة قضايا اثارت نوعاً من الخلاف مع الاخوة في سائرون، إلا أن اللقاءات الاخيرة شهدت تطمينات في هذا السياق، أما خيار ذهابنا إلى المعارضة، فهو موجود، لكنه غير محسوم حتى الآن، هو معلّق، بانتظار مراقبة ما ستسفر عنه التفاهمات الاخيرة مع شركائنا في تحالف الإصلاح” “النصر”: أين أسماء النافذة الإلكترونية! أما ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، فيقول إنه أقرب إلى فكرة تفعيل المجلس الإتحادي. أحد قياديي الإئتلاف –رفض الكشف عن اسمه- قال إن “رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي جمع آلاف الأسماء عبر قضية النافذة الإلكترونية، ويُمكن الاستفادة منهم لاختيار مرشحين للمناصب الشاغرة، دون الدخول في دوامة الصفقات والمحاصصة. ليس المطلوب شخصيات خارقة لا تملكها سوى الأحزاب لإدارة هذه المناصب، بل كل ما تحتاجه إدارة مديرية عامة لوزارة ما، هو شخصية مهنية متدرجة وظيفياً، نزيهة، بعيدة عن مجاملة وتكسّب القوى السياسية، وهذه ليست مواصفات مستحيلة، مهمة شغل مناصب الدولة بالأصالة دون تقسيمها وتحاصصها ليست مهمة مستحيلة أبداً”
*
اضافة التعليق