بانتظار مذكرات أوباما

بعد ثمان سنوات في البيت الأبيض يستعد اول رئيس اميركي من أصول افريقية مغادرة منصبه الرئاسي في بلد لم يتخلص من التمييز العنصري الا قبل أقل من نصف قرن. باراك حسين أوباما نقطة فارقة في التاريخ الأميركي بدءا من الاسم ذي الجذور الإسلامية الى المسمى الذي صار رئيس القوة الأعظم في العالم. لكن في  الوقت الذي عملت فيه بشرة اوباما الملونة على تبييض السجل الاميركي من الرق الذي بقي معمولا به مائة سنة بعد الاستقلال فضلا عن التمييز العنصري الذي طال مواطنه المهاجر الأفريقي هو الاخر كولن باول “وزير الخارجية الاسبق” أيام كان ضابطا في حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي، حيث لم يكن يسمح تناول الطعام في مطاعم البيض على الطريق الى مدينته عائدأ من إجازته في جبهات الحرب مثلما يروي في مذكراته.  

اوباما الذي لم يتبق له سوى اسابيع قليلة “حفل تنصيب الرئيس المنتخب في العشرين من كانون الثاني” يستعد مثلما تتوارد الأخبار لكتابة مذكراته. الأخبار تقول إنه تعاقد بالفعل مع إحدى دور النشر وبمبلغ خيالي لإنجازها. أما لماذا المبلغ خيالي بينما كتابة المذكرات تكاد تكون تقليدا رئاسيا أميركيا ثابتا, فإن مرده في الأغلب الى أن اوباما حكم في مرحلة فارقة من تاريخ النزاعات الدولية, يضاف اليها وضعه هو شخصيا كونه إبن مهاجر من اصول إسلامية فضلا عن البشرة السمراء التي كانت كافية لمنحه فترة رئاسية واحدة لو كانت الامور مجرد تبييض سجل.

لكنه حاز على ولاية ثانية مما يعني أن الرجل تمكن من إقناع الناخب الأميركي في أن يصوت له ثانية برغم ان الحزب الذي ينتمي اليه “الحزب الديمقراطي”  لا يملك الأغلبية داخل الكونغرس التي بقيت محسومة طوال السنوات الماضية للجمهوريين. مع ذلك فإنه ليس هناك ما يمكن ان يجعل من إدارة أوباما مختلفة لاسيما على صعيد الملفات الدولية التي يؤشر عليها إنها تراجعت كثيرأ فيما تقدمت روسيا على صعيد كل الملفات خصوصا ملف الشرق الاوسط.

مع ذلك فإن اوباما الذي نال جائزة نوبل للسلام في بداية عهده الرئاسي الأول لا يكاد يختلف عن سواه ممن سبقه من الرؤساء الأميركان سواء كعهد أو كمواصفات شخصية حيث ترك كل واحد منهم بصمة معينة في تاريخ بلاده بمن في ذلك الامور الشخصية والعائلية حتى الفضائحية منها. لذلك تبدو قصة المبلغ الخيالي الذي تعاقد عليه اوباما مع دار النشر هو الذي سيبقى محل تساؤل قد لا نملك الاجابة عليه حتى نرى المذكرات جهرة. لكن مع ذلك فإن الجانب المالي يكاد يكون اهم العوامل المساعدة لنشر مذكرات كبار المسؤولين الأميركان ممن يخدمون في الوظيفة العامة، فعلى العكس من الوظيفة العامة عندنا التي هي اسرع طريق للثراء فإن الوظيفة العامة عندهم هي طريق آخر للثراء بعد مغادرة الخدمة العامة والذهاب الى عالم المال والاعمال ومن بين تلك الاعمال.. الشركات والمذكرات.   

علق هنا