اليوم نضيء خمسة وثمانين شمعة في عيد ميلاد حزب الفقراء والشهداء واصحاب الأيادي البيضاء

بغداد- العراق اليوم:

لربما يحتفل العالم برأس السنة او عيد الربيع او أعياد اخرى، لكن الوطنيين والاحرار، والشرفاء في العراق يحتفلون برأس السنة الشيوعية، نعم، رأس السنة الذي يحمل معه تباشير غد جديد، وروحاً جديدة وثابة للقيم الانسانية الرفيعة، قيم الجمال والحب والحياة الكريمة، قيم العدالة التي تشع من منهج هذا الحزب الذي ولد من بين الكادحين؛ ومن هدير المكائن، واصوات ضربات المطارق، ولد من ثنايا اوجاع العمال واحلام الفلاحين وآمال الفقراء المسحوقين الذي سلبتهم البرجوازية والاقطاعية قوتهم، وحرمتهم من الحق في الحلم بغد سعيد على الأقل. في الناصرية، حيث الفرات المنساب هناك وفي أحد معامل الثلج، كان الشهيد يوسف سلمان "فهد" قد انضج ايدلوجياً الحزب، ووضع لبنات افكاره الماركسية المنادية بتحرير الارادة وكسر الجمود ورفض الاستعمار والرجعية، وفي تلك الحقبة الحالكة كان ثمة ومض ضرب سناه الآفاق، وشقت اضواؤه دياجي ذلك الليل البهيم. من هنا، وكأنه الحلم، كانت اولى الخلايا الشيوعية تنطلق وتنشط وتنشطر بين العمال والكادحين، وهناك في معامل البصرة وبغداد وكل الوية العراق انذاك، كان الشيوعيون ينشرون فكرهم النير الجديد، وكانت الخلايا الشيوعية تتكاثر وتتوالد في وعي لم يألفه العراق. وفي ٣١ من آذار ١٩٣٤ احتفلت اولى الخلايا الشيوعية باطلاق رايتها الحمراء، لتبدأ عصر النضال الذي سيعمده المناضلون بدم طهور، بدءا ًمن فهد المؤسس ورفيقيه حازم وصارم، مروراً بأسطورة النضال والصمود والفداء الشهيد الخالد سلام عادل ورفاقه الابرار، ليفتتح الحزب الشيوعي جبهة النضال على مصراعيها، مشرعاً ابواب الكفاح، فيما كانت القيم الشيوعية تأخذ طريقها لافكار الشباب والطبقات الواعية بيسر وسهولة؛ يساعد في ذلك طبيعة الافكار الشيوعية الواضحة وقوة فلسفتها المقنعة، والواقع السيء الذي عاشه العراق منذ فترات الاستعمار المتتالية، فيما لم يكن امام اعداء الشيوعية غير طريق واحد يعرفه الطغاة والمتجبرون، طريق القتل والتنكيل، فيما كانت مقولة فهد بمثابة اكسير الحياة للشيوعية التي قال انها اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق وبالفعل لم تمت الشيوعية رغم اسشهاد قادتها، بل تجذرت قيمها عميقاً في الارض العراقية، وزادت ونمت شجرة العطاء واصبح الشيوعي العراقي، مثالاً للصمود والعناد الوطني، وعلامة من علامات النضال والكفاح وقوة التحدي بوجه الخطوب، بل كان الحزب الشيوعي من اوئل التنظيمات العراقية التي قدمت قوافل من الشهداء، قافلة تلو اخرى، فيما كانت العقيدة الراسخة تزداد تجذراً ليبقى الفلاح والعامل والكادح هو السيد رغم تغول الرأسمالية المتوحشة. ولم تنه قصة الحزب عند مستوى النضال وتقديم الشهداء، بل كان الحزب مدرسة للثقافة والحقوق الاساسية، فهو الحزب الذي تحول لأكبر جامعة في العراق لتخريج كبار المثقفين والعلماء والمفكرين، بل وكان الحزب المثابة التي انطلقت منها افكار الحداثة والتنوير؛ وبثت من منارته الشامخة افكار تحرير المرأة، وهو الحزب الوحيد على مستوى الشرق الاوسط الذي قدم اول وزيرة في حكومة عبد الكريم قاسم، في تطبيق نادر وفريد لمقولات تحرير المرأة واطلاق قدراتها في ميادين الحياة والعمل. لقد واصل الحزب بقياداته المتعاقبة وكوادره المتلزمة، مسيرة نضال قل نظيرها على مستوى الاحزاب العربية او الشيوعية في العالم، ليخوض اكبر واطول نضال مسلح ضد الطغيان البعثي ؛ فيما عرف بحركة الانصار التي تصدت وواجهت بالسلاح قسوة نظام البعث الفاشي.  وبعد ٢٠٠٣ لم يكن الحزب غائباً عن المشهد مع تعرض العراق الى محن اكبر، بل كان الحزب الشيوعي العراقي في طليعة المبادرين لانقاذ العراق من مألاته التي قادته اليها الدكتاتورية؛ وقدم الشيوعيون نماذج قل نظيرها في ميدان العمل الوظيفي والنيابي، حتى  ان تحول الشيوعي العراقي الى ايقونة وامثولة شعبية في النزاهة ونظافة اليد والترفع عن المكاسب؛ والاخلاص في اداء الامانة وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه، وكان الحزب مدرسة في الاعتدال وتبني الخطاب الوطني المناهض للاحتلال والطائفية والقومية والشوفينية، فكانت مسيرته تطابق سيرته الوضاءة ولم يحد عنها؛ رغم تيدل الظروف وتعاقب القيادات بحكم الزمن والتطور الطبيعي.

إنه حزب يستحق ان يحتفل بعيده العراقيون جميعاً، فتعالوا نضيء اليوم بعيده خمسة وثمانين شمعة ابتهاجاً بمولده، واعترافاً بما قدمه هذا الحزب من تضحيات جسام، وما  فعله من اجل العراق والعراقيين.

علق هنا