بغداد- العراق اليوم:
احمد عبد السادة
الزيارات السياسية للدول لها رسائلها وأهدافها وأسبابها، أي بمعنى أنه لا يمكن لسياسي كبير ومحترف - وخاصة إذا كان رئيس جمهورية او رئيس وزراء - أن يزور دولة معينة دون أن تكون في جعبته رسائل يريد أن يوصلها لهذه الدولة أو لغيرها من الدول، ولا شك أن تلك الرسائل تكتسب خصوصية عندما تمر الدولة التي تمت زيارتها بظرف استثنائي معين كالظرف الذي تمر به السعودية الآن على خلفية مقتـــل خاشقجي، ولا يمكن أبدا قراءة زيارة رئيس جمهورية العراق برهم صالح للسعودية بمعزل عن الظرف السعودي الحالي، وبمعزل عن السمعة السيــئة السعودية التي يتصاعد سوادها وسخامها في كل العالم في ظل تداعيات التفاصيل المروعة لمقتل خاشقجي، وفي ظل التداعيات المفجعة للحرب السعودية الظالمـــة ضد اليمن. مخطئ وواهم من يتناول زيارات مسؤولي بعض الدول لدول أخرى بمعزل عن "توقيتات" تلك الزيارات وبمعزل عن "ظروف" تلك الدول، وذلك لأن عاملي "التوقيت" و"الظرف" يلعبان دورا أساسيا وجوهريا وحاسما في تحديد نوعية الرسائل المراد إيصالها من خلال الزيارات السياسية للدول. مثلا عندما يقوم سياسي في دولة ما بزيارة دولة أخرى تمر بحالة حرب، فإن تلك الزيارة تتضمن رسالة تضامن مع تلك الدولة، وعندما تتعرض مثلا دولة ما لحصار معين فإن زيارتها تتضمن رسالة تكاتف وتضامن معها من قبل ساسة الدول الذين يزورونها، والأمثلة على ذلك كثيرة ويصعب حصرها. وفي ضوء ذلك أقول بأن زيارة السعودية في "التوقيت" الراهن وفي "الظرف" الحالي من قبل رئيس جمهورية العراق برهم صالح تتضمن - للأسف - رسائل تضامن سياسية مع السعودية التي تتعرض للنبذ والإدانة عالمياً بسبب جــــرائمها المروعة وبالأخص جــــريمة مقتــل خاشقجي. زيارة برهم صالح للسعودية زيارة خاطئة جدا من ناحية "التوقيت"، لأن هذه الزيارة تمنح للسعودية رسالة تضامن لا تستحقها، في وقت يتحاشى و"يتقذر" فيه أقرب حلفاء السعودية من زيارتها والتواصل معها، لأن سمعة السعودية الآن ملطخة بالعار والجــــريمة والإرهـــاب على شاشة الرأي العام العالمي، وبالتالي فإن السياسي المحترف والذكي لا يمكن أن يغامر بسمعته ويقوم بزيارة السعودية ولقاء ولي عهدها المجــــرم محمد بن سلمان في هذا التوقيت بالذات.
*
اضافة التعليق