بعد أن أكتشف ضعف شخصيته، وتهافته على المنصب، الشارع العراقي يعود لترديد نغمة عادل زوية !

بغداد- العراق اليوم:

صادم ومدهش ومثير للغثيان، مشهد اعتلاء نصار الربيعي ممثل السيد مقتدى الصدر، والمفاوض عنه، لمنصة مجلس النواب العراقي اثناء منح الحكومة الثقة وطلبه من رئيسها عادل عبد المهدي التوقف عن عرض بقية أسماء الوزراء المرشحين لنيل الثقة من المجلس النيابي، والاكثر صدمةً، ودهشةً، واثارة، هو الاستسلام الغريب لعادل عبد المهدي، الذي رضي بما حدث، وبلع الاهانة العميقة من شخص ليس له أي صفة رسمية أو نيابية او لائية عليه سوى أنه مبعوث "السيد" يمرر من يشاء ويحجب من يشاء، وكأن عبد المهدي صبيهم أو عبدهم الذي اشتروه، ليمرروا به صفقتهم، ويمضوا الى حيث يريدون.

لقد ترك هذا المشهد انطباعاً في الأوساط السياسية والشعبية، بل قل عزز انطباعه عن شخصية مهزوزة، طامحة، ميكافيلية، تتخذ أي وسيلة لنيل الغاية النهائية، وهي الوصول الى دست السلطة، وهي غاية قدم من اجلها عادل عبد المهدي الكثير من التنازلات المذلة في بعضها، والتي لا يمكن أن تبرر قطعاً.

فوق هذا كله، فأن خيبة الأمل التي اصيب بها الشارع العراقي لم تتوقف على ما فعله "نصار زغير" المسمى بالربيعي فحسب، بل من هذه التشكيلة المخيبة للآمال التي أقصت الكفاءات والناجحين، وأتت بالمجربين من حكومة بريمر، واعادة تدوير بعض الشخصيات مجدداً، وكأن ما اراده السيد مقتدى الصدر من استخدامه لشعار المرجعية :

"المجرب لا يجرب" هو أقصاء الكفاءة والتجارب الناجحة لصالح كابينة يتحكم بها عبر الريموت كونترول " زغير" ومجموعته التي تحيط الآن بعبد المهدي وتحبس عنه الانفاس.

ما حدث لم يمر مرور الكرام على شارع ساخط، كان يتوقع أن يترجم عبد المهدي مئات المقالات التي كتبها، ومثلها من التنظيرات السياسية التي عرضها طوال اعوام عدة من "زعله" السياسي واعتزاله، وان يأتي بكابينة وزارية " ما تخرش المية"كما يقول المصريون، فما كان من تمخض الجبل، الا فأر يلعب به فتيان السيد وصبيانه!!

هذا الاحباط السياسي الذي واجهه الشارع العراقي اللماح والحساس والساخر والناقم قد اعاد الحياة الى مقولات كانت سائدة من قبل، تردد ضد عادل عبد المهدي ذاته، لاسيما مصرف الزوية وحادثته الشهيرة التي كان البعض قد حاول نفيها آنذاك بدعوى ترفع عبد المهدي عن التورط بهذه السفاسف، الا أن هذا الانبطاح والتكالب الشديد على نيل المنصب، وطمعه المفرط في تسلم الرئاسة بأي ثمن، أعاد التفكير مرة أخرى بما حدث في الزوية، كما اعاد صورة الظهور الكاريكاتوري لشخصية عبد المهدي الهزيلة، وهزال من أتى به، ووضوح التأثيرات الغربية في تشكيل الحكومة، حد جرأة ممثل ترامب على الترحيب علناً باربعة وزراء اختارهم بالأسم، كان يمثل نكبة لطموح الشارع، ووأداً لآماله العريضة التي أوقفت مؤقتاً مصطلح  "زوية" عن التداول الشعبي، الا أن وضع الشارع من قبل عبد المهدي في زاوية حقيقية مخيبة، احيى هذا المصطلح واعاد لهذا التوصيف الحياة مجددًا.

والأخطر مما حدث، فأن سهام النقد وعدم الرضا من قبل الشارع العراقي لم تقف عند عبد المهدي وحكومته ومن يقف خلفهم، بل تعدى النقد هذه المرة الى مقام المرجعية الدينية الشريفة، التي أتهمت بأنها تقف وراء هذا التشكيل الهزيل عبر دعم لا محدود ناله عبد المهدي من نجل السيد السيستاني، نعني السيد محمد رضا الذي تورط كما يقال بالدفع بعبد المهدي الى الواجهة، ويبدو أن اختيار " الكهل" عادل عبد المهدي كان ضرباً لمقولة " طالب الولاية لا يولى"، فأن ولي أصبح أسيراً لموليه.. وهنا مقتل الفرس وليس مربطها فحسب.

ان سخرية الشارع اللاذعة قد تترجم خلال ايام الى احتجاجات كبيرة، وقد يؤدي تهميش محافظات وقوى سياسية فاعلة وكفاءات الى ما لا تحمد عقباه ان لم يصحح الأمر وترفع عن عبد المهدي الضغوط، أو ينفذ ما يقوله في كل مرة ويمد يده الى جيبه ويخلص نفسه والعراقيين من مأزق " الزوية" الحقيقي الذي وضع فيه نفسه وغيره.

علق هنا