إردوغان.. الطاووس المزيّف
بغداد- العراق اليوم: حين أحبَطَ إردوغان الانقلاب العسكري، "تسلْطَنَ" بالتعبير العراقي، وهو السلطان، المعتدّ بنفسه، على خطى آل عثمان، حيث تقوده اعتقاداته إلى إمكانية أن يكون حامل لوائهم من جديد، مقتفياً اثر تأريخ، لن يعود أبداً.
لكنّ إردوغان حين أفلت من الانقلاب مُضفيا على نفسه النفوذ والشرعية، لم ينقذه سيف عثماني ممشوق، بل محادثة "سكايب"، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي حين ردّ على العثماني الجديد، رداً مفحماً، أيقظه على الأغلب من سكرة أحلام السلاطين.
ولم يتعجّل إردوغان، تشبيه نفسه بأسلافه في السياسة فحسب، بل وفي الثراء والثروة أيضاً، حيث يروي الأتراك الكثير من القصص عن اليسر الطارئ لعائلة حاكمة، تحاول المسك ببهرجة الحاضر العصرية، وبريق الماضي التليد، ومن ذلك تدشينه قصراً رئاسياً جديداً وفخماً في العاصمة أنقرة في نهاية 2014، انتقدته المعارضة التي رأت فيه دليلاً جديداً على "جنون العظمة" الذي يعاني منه الرئيس التركي، كما رتّش الصورة العثمانية بمسجد شامليجا في الضفة الآسيوية بإسطنبول، وهو الأكبر في البلاد بمآذنه الست، أي أعلى من مآذن مسجد المدينة المنورة، وبلغت كلفته نحو 65 مليون يورو.
ومهما اختُلِف حول ديباجات ظهور الرجل على هذا النحو واجتيازه عراقيل طلوعه السريع، فانه اليوم، الزعيم الميسور، لكنه الاشتراكي، وهو العصري / العثماني، والسلطوي / العادل، بزعم أنصاره طبعاً، مفصحاً عن شخصية تحكمها متناقضات انعكست على سلوكه السياسي، فهو عثماني لكنه حداثوي، لم يستطع كثيرا أن يبقي على ثياب العثمانية، حين أراد إن يكسب ثقة اللاعبين الدوليين فارتدى البدلة الغربية.
وأعتق أردوغان حمامة السلام، حين أراد دوراً تركياً في المناطق المجاورة، لكنه قتلها بالتدخل العسكري في سوريا والعراق.
وإذ شعر بالخوف الداخلي، صنع لبلاده أعداءً خارجيين، مُضفيا الطابع الخارجي على المشكلات والمواجهات الدولية لإشغال الرأي العام.
وأدّت سياساته في التوفيق بين الإسلام والديمقراطية الى مجابهات مع أصوات علمانية ترفض تبني الفكرة.
وهو إذ يُذكِّر بالعلاقات التاريخية، والوشائج الحضارية مع الدول المجاورة، فانه يلهث في الحقيقة وراء المصالح فحسب، وبلغت أوج تناقضاته ونفاقه السياسي حين كان يخاطب بشار الأسد: "أخي" ثم انقلب عليه ليصبح من ألد أعدائه، واسقط طائرة روسية، وتبجّح بالجبروت والقوة ونفخ أوداجه العثمانية، ثم ركض لاهثاً لإرضاء القيصر الروسي.
وفي الوقت الذي يتطأطأ ويتصاغر فيه أمام الولايات المتحدة وأوربا وروسيا، فإنه يفتل عضلاته على دول مثل العراق وسوريا ومصر، في عملية "تنفيس" واضحة لعقده العثمانية.
بل انه، وعلى حين غرّة، بزّ رفيق دربه أوغلو، صاحب نظرية "القوةُ الكامنةُ" التي تستنهض وعياً جديداً بالسلام في جغرافيا واسعةٍ تمتدُّ من الشرق الأوسط إلى أوراسيا، لكنه أضطر الى الاعتكاف السياسي، بأمر من السلطان الذي لم يعد يطيق نظريات رفيقه.
وفي تناقض رهيب أيضاً، نكص إردوغان على عقبيه، متوسلاً رضا بوتين، بصورة تثير الشفقة، فيما نفخ نفسه كالطاووس أمام العراقيين والمصريين.
وعلى نسق الدكتاتوريات، روِّج لكل سقطاته وخساراته، موهِماً نفسه أولاً، قبل شعبه على إنها فتوحات كبرى، فيما هي ليست الاَّ تجديفات تستمد مزاعمها من تأريخ لن يعود أبداً، كما هو منطق الحياة.
مواقف في حياته:
رجپ طيّپ إردوغان، وُلِد في 26 فبراير 1954، هو رئيس تركيا رقم 12 منذ 28 أغسطس 2014. وكان رئيس وزراء تركيا منذ 14 مارس 2003 حتى فوزه في الانتخابات الرئاسية 2014. وهو أيضاً زعيم العدالة والتنمية الحاكم، والذي يشغل أغلبية المقاعد في المجلس الوطني الأكبر لتركيا. كان إردوغان عمدة إسطنبول من 1994 حتى 1998.
في 1998 إتّهِم إردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية تسبّبت في سجنه ومنعه من العمل في الوظائف الحكومية.
اغتنم فرصة حظر "حزب الفضيلة" لينشقّ مع عدد من الأعضاء منهم عبد الله غول وتأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001.
أعلن أن العدالة والتنمية، سيُحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في مماحكات مع القوات المسلحة التركية
تأثّر بالزعيم "نجم الدين أربكان" الذي منحه الثقة، وأعطاه الفرصة ليصل منصب رئيس فرع حزب الرفاه وهو في الخامسة والثلاثين، ثم رئيس بلدية إستانبول أكبر بلدية عامة بتركيا في العام 1995.
مستقبل أردوغان:
قطعاً لن يكون مستقبله، ولا حاله أفضل من حال "البعير" الذي قصمت ظهره قشة، وأطاحت به الى الوحل.. فهل سيكون العراق القشة التي ستقصم ظهير البعير أردوغان.. لننتظر قادم الأيام .. ونرى !!.