بغداد- العراق اليوم:
للأسف الشديد نضطر مجدداً للتوقف عند ظاهرة عرفتها الحياة النيابية العراقية دون أن يكون لها ربط في الواقع، سوى سوء اختيار من قبل الكتل السياسية التي مكنت بعض ممن لا تاريخ لهم، ولا وعي سياسي او ثقافي او فكري من الوصول الى منصة القرار، أو الى مناصب تشريعية أو تنفيذية متقدمة في هرم الدولة العراقية.لكن الصدف تصنع وحدها ما تشاء، وللأسف فإن البعض يوافق الصدف، ويدفع بخياراته الخاطئة نحو القمة مجددًا، مدفوعاً برغبة ذاتية، او مصالح ضيقة، أو توجيهات فئوية. هذه الخلطة غير المتجانسة ظهرت في الحياة النيابية بوضوح أكثر من الجهات التنفيذية، لسهولة وصول بعض الشعوبيين ومثيري خطابات الكراهية والبغضاء والشحن اللفظي العاطفي، الذين يجدون من يتأثر بخطابهم هذا، ويصوت لهم بلا لحظة مراجعة أو تفكير على الأقل فيما قدم هولاء الى الشعب من خلال مسيرتهم، وكيف يمكن لمن يستخدم وسائل الاعلام محطة للتهريج والقذف أن يعود نائباً عن الشعب، عكس ما يقوم به بعض النواب الذين يدركون حقيقة ومسؤولية دورهم، لذا ترى خطابهم متزناً وموضوعياً ومسؤولاً. لكن هولاء لا يجدون للأسف منابر كثيرة تستضيفهم، فالقنوات تعمل في الغالب على مبدأ المشهور والمثير بغض النظر عما يقدم من قبل هولاء المثيرين والمشهورين، فبرامج " التوك شو" تحتاج الى السن بذيئة تمارس السباب والشتائم والقذف وغيرها من هذه الاساليب الملتوية. ومن هولاء الجمع يبرز نائب غير معروف ظهر للوهلة الأولى مع التيار الصدري، اسمه كاظم الصيادي ولكن سرعان ما لفظته تلك الكتلة بعد ان اظهر سلوكاً عجيباً وخروجاً عن نطاق العمل النيابي الملتزم، ولكن هذا النائب الذي حول هو ومجموعة من النواب الأخرين مجلس النواب الى "جوبة" للتهريج والصياح وتبادل اللكمات، أستمر في هذا النهج التهريجي الذي لا طائل من ورائه، ولا مكاسب يحققها الناخب الذي اختاره. فما فائدة ظهور نائب مثله على شاشة الفضائيات وهو يتبادل السباب والكلام البذيء مع أخرين، حتى باتت القنوات الصفراء تبحث عن هذا النائب وعن غيره لتنتج وصلات ردح وتهريج تثير عواطف المراهقين على صفحات التواصل الاجتماعي. أن النيابة والحصانة التي تمنح للنائب ليست عصمة له، ولا معنى أن يحولها الى لعنة على المجتمع، ويعكس تصرفات سيئة وهابطة تجاه الناس، بل على العكس هي تكليف بأمانة شرعية عليه ان يرعاها بكل ثقة، وأن يواصل التزامه الاخلاقي والعرفي، لا ان يستغلها لسب الناس والنيل منهم بداعي النقد أو ممارسة الدور الرقابي المناط به حسب الدستور. أن تجربة "الصيادي" وامثاله في مجلس النواب العراقي تجربة سيئة للأسف الشديد، نتمنى ان لا تتكرر مرةً أخرى، فمثل هذا النائب لايمكن بأي شكل من الاشكال أن يمثل المؤسسة التشريعية الأولى في العراق، ولا يمكن أن يحسب على ملاك النواب الذين قدموا وانجزوا وحضوا باحترام وتقدير الشارع العراقي، المتابع الدقيق والمشخص الحاذق. فوجود مثل هولاء لا يليق بالمجلس ولا بناخبي العراق الذين ينظر لهم على أنهم قادة الرأي وأصحاب الثقافة الرصينة. لقد حول الصيادي قاعة البرلمان الى "طولة خيل"، وفي هذه الحالة فإنه لن يكون افضل من "عربنجي"، من عربنجية ( الميدان) مع كامل احترامنا لبعض العربنجية الذين قد يرفضون تشبيه كاظم الصيادي بهم!
*
اضافة التعليق