بغداد- العراق اليوم:
بحكم عملي الصحافي والاعلامي، اتيح لي الاطلاع على مداخلة وزير الداخلية قاسم الأعرجي على افتراءات قناة الفرات، وبرنامجها " من الواقع" الذي يقدمه علي عذاب، وحجم التمثيل الذي يراد من خلاله كسب مشاهدات عالية للقناة التي تطور المحتوى الذي تبثه بشكل كبير الى الحد الذي لم يعد يتوافق مع الواقع!، أو لنقل صار شعارها الاثارة قبل أي اعتبار. المداخلة الذكية من الوزير، تضع النقاط على الحروف، وبقدر ما تكشف زيف ما نشر، بقدر ما تكشف عن هدوء شخصية الوزير، واتسامه بالمهنية والسعة في التعامل مع كافة المفردات، بما في ذلك المحتوى الاعلامي الذي يبث للبيئة العراقية، ويراد منه صناعة رأي عام باتجاه ما، وبالقدر الذي تدفع وسائل اعلام، ونحن معها باتجاه زيادة نسبة مشاهدتها، أو ارتفاع نسبة قرائها، فأننا ندفع باتجاه ان يكون هذا المحتوى موضوعياً، لا مجتزأً من وقائع أكبر، أو أصغر، فالمهنية الاعلامية تقتضي أن توضع كل ابعاد الصورة امام المشاهد أو المتلقي ويترك له الحكم. ولن نخوض في نقاش ما يطرح في هذه القناة أو القنوات المشابهة لها، قدر ما يهمنا طريقة تعامل الوزير الذكي مع ما يراد من خلال افتعال هذه الضجة الاعلامية التي تريد القناة استثمارها ايضاً، كدليل نجاح التحول الى "HD"وبالفعل هو تحول الى بث فائق الجودة، لكنه فائق الجودة من حيث الشكل، أما المضمون فهو أدنى من اداء هذه القناة ايام كانت حزبية بحتة حتى ! يكشف الوزير الاعرجي في المداخلة، أنه لا يحمل أي عداء للفرات أو لشخص علي عذاب، ولا ينفي ايضاً عبر ما نشره وجود فقر وعوز وتفشي بعض الحالات السلبية، ونمو بعض العصابات التي تعتاش على حقوق الغير، لكن الوزير يشير بوضوح الى ان جهود وزارته وكل الطاقم الحكومي منصبة على معالجة هذه الظواهر وتقلصيها من خلال ايجاد الحلول، لا تحويلها الى "شو" إعلامي يتم تداوله عبر صفحات التواصل على أنه الصورة الحقيقة للعراق، وشعبه، بحيث ان هناك آباءً يبيعون بناتهم لبيوت الدعارة! الوزير يكشف ايضاً في مداخلته ان الوزارة تعمل على معالجة المشاكل الاجتماعية بروية وحنكة وستر كما يقولون، فهو يشير الى أن " الوزارة تضطر للقول بأنها " حررت فتيات مخطوفات" في بعض الاحيان، فيما أن الواقع يقول انهن هربن مع من يعشقن، لكن المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية تمنع الوزارة ووزيرها من نشر هكذا حالات، وهي برأيي تضحية تستحق الشكر من الوزارة التي تتحمل كلفة سمعة الاختطاف مقابل حماية وصيانة اعراض العراقيين، والحفاظ على حياة بعض الفتيات اللواتي يقعن ضحية لتصرف طائش. الاعرجي يشير في المداخلة ايضاً الى ان التسول ظاهرة عالمية لا تقتصر على بلد ولا قومية او فئة اجتماعية، ولذا فليس عيباً ان تكون ظاهرة تسول، بل العيب هو من تسبب بهذه الظاهرة، حيث يشير في التفاتة ذكية أخرى الى من سرقوا العقارات واستولوا على اموال الشعب، ولعمري فهو يقصد من يقصد ! وبالفعل، اذا كانت الفرات وعلي عذاب غاب عنهم أن التسول منتشر حتى في امريكا الدولة الأولى، وما انتشار " الهوملس" هناك الا دليل بسيط، فأننا نذكرهم أن هذه الظاهرة تدرجها بعض المراكز والبحوث كمهنة، لكن العبرة في كيفية معالجتها، والا ما فائدة مثل هذه البرامج اذا كان ورائها اساءة لسمعة العراقيين، وتصويرهم بهذه البشاعة. اخيراً، نتمنى على الفرات والزملاء فيها، أن يبحثوا عن ملفات مثيرة بعيدًا عن الخوض في اعراض العراقيين، وجرح كرامتهم الانسانية، فمثل هذه المواضيع، بقدر ما تجد استجابة لدى المتلقي، لكنها تدفع بالقناة بجودة الـ "HD" الى تصنيفها كقناة صفراء، تبحث عن هذه المواد التي لا تجذب سوى الذباب !!!
*
اضافة التعليق