التسقيط السياسي، واهدافه، ومن يقف خلفه ؟!

بغداد- العراق اليوم:

بقلم : حيدر العمشاني

من الواضح ان الحرب السياسية تسخدم وسائل الاعلام وسيلة واداة وذراعاً لها.

 ومن الواضح ان انتشار مواقع التواصل الاجتماعي دون وعي مع غياب الرقيب والقانون، افرز حرباً تسقط فيها جميع القيم الانسانية والاخلاقية مقابل حفنة من المال.

ومن الطبيبعي ان التنافس السياسي بمختلف صراعاته موجود في العالم كله، لكن ثمة فرقاً جوهرياً كبيراً، هو ان التنافس والصراع عادة يتمثل في مشاريع سياسية، بمعنى ذلك ان الصراع هو صراع مشاريع بناء الدولة وتطورها، والانتقال بها الى الافضل، وحسب المراحل والظروف المحيطة، وليس صراعاً شخصياً يسقط قيمة الانسان ويحط من قدره كما يحصل في بلادنا، ذلك لان كثيراً من المسؤولين يتصرفون وكانهم رجال عصابات وليس مسؤولين في الدولة. لايمتلكون مشروعاً سياسياً للنهوض والرقي والتقدم والتطور . ومن المؤكد أن العصابات تستخدم كل السبل من اجل النيل من الخصوم، ومنها إستخدام وسائل الاعلام ودفع الرشا وتجيش مواقع التواصل الاجتماعي للقذف والشتم والتلفيق والتشويه والكذب، وحتى التصفية الجسدية ان امكن لها ذلك .

وثمة مشكلة اساسية متوارثة في بنية الدولة العراقية، فمنذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى الساعة، تتعامل حيثيات الدولة  وتسير بوصلتها حسب ما ترتئيه الدولة العميقة، وهي الدولة المتداخلة مع الدولة، والتي تمثل مركز السلطة والدائرة الضيقة المحيطة بها .

ويمكن تقسيم منظومة النظام العام للسلطة في العراق الى ثلاثة اتجاهات، هي الدولة الظاهرة، والدولة الخفية، والدولة العميقة .

ووفق هذا التقسيم فان الدولة الظاهرة هي الدولة التي تمثل النظام السياسي والدين والتاريخ واللغة والشعب وجميع المؤثرات الاخرى المرتبطة بهذه الدولة والتي تعد من اهم اسباب وجودها وتمظهرها.

 وبما ان النظام السياسي الراهن لا يختلف الا من حيث الشكل عن النظام السابق، ونقصد من حيث مفهوم الدولة الظاهرة، اذ تعتبر هذه الدولة هي الاضعف من بين سياقات التقسيم الظاهر ، كونها تعيش وضعاً هلامياً تغيب عنها الخطط الاستراتيجية، ومفهوم الدولة.

 في هذه الدولة يكون الانسان هو مجرد مراقب سلبي بتعبير "ديكارت" لافاعلية له في تغيير الواقع ومسار الدولة بسبب ضغط نفوذ الدولتين الخفية والعميقة اللتين تتقاطعان مع الدولة الظاهرة، وترسمان خارطتها بعيداً عن المفهوم الحقيقي للدولة ، وهذه هي من اكبر مشاكل العراق، والتي حالت حتى الان دون بلورة مفهوم حقيقي للدولة.

وثمة وشائج وروابط واضحة بين الدولتين الاخرتين، أي الدولة الخفية والدولة العميقة، ويمكن لنا ان نعرف بايجاز مفهوم الدولة الخفية، بوجود جيش مجهول، وقوى خفية، تعمل بشكل مزدوج لتلبية المصالح السياسية، ورسم المشهد الداخلي والخارجي بشكل يخدم القوى المتنفذة، ويقتل روح الدولة والمواطنة للدولة الظاهرة.

 والدولة الخفية ايضاً هي النخب التي تعمل بدهاء شيطاني في اغلب الوزارات ومؤسسات الدولة وتعكس صورة مقززة للفساد وسوء التعامل ، وفي هذه الدولة شخصيات لا يعلن عنها لكنها ترسم مشهد الدمار، وتقتل مفهوم الدولة.

 أما الدولة العميقة فهي الدولة التي توزاي الدولة الظاهرة وتناقضها اذ تتمثل بالسلطة والقوى السياسية المتنفذة والدوائر الضيقة المرتبطة بها، وهذه الدولة واضحة في شخصياتها وتكوينها، فباتت مكشوفة الاهداف، لها شعارات مناقضة للافعال، تفرز سلوكيات ابرزها الفساد والسرقات والقفز على القانون وسوى ذلك، ان غياب النخبة عن رسم وتعميق مفهوم الدولة فسح المجال امام الدولتين الخفية والعميقة بطمس مفهوم الدولة، من خلال رسم مشهد سياسي يخرج عن اطر العقل فينسحب المشهد على جميع المفاصل الاخرى بشكل مختلف للغاية ، وفي هذا السياق وضمن المفهوم ذاته فان الشخصيات الواعية والتي تعمل من اجل الدولة تتعرض لابشع هجمات التسقيط الذي تقوده العناصر الخفية المرتبطة بالدولة العميقة والكيانات السياسية المتنفذة ، وهذا ليس امراً غريبا حين يغيب مفهوم الدولة لتظهر بدلا عنه مفاهيم اخرى تاخذ شكل العصابات والمافيات، ولا نعدم ان نجد امثلة لبعض الشخصيات من التكنوقراط والتي عملت بمهنية من اجل ترسيخ مفهوم الدولة وتقديم الخدمات العامة بعيداً عن الفئوية والمصلحية ، ومنهم وزير الصناعة والمعادن السابق المهندس محمد صاحب الدراجي ، فالرجل لم يخف تدينه المنفتح ولم تغب عنه مسؤولياته في ترسيخ مفهوم الدولة من خلال جملة طروحات فكرية، واخرى عملية اتت ثمارها، عندما تسنم منصب وزارة الاسكان والاعمار ومن ثم وزارة الصناعة والمعادن،

وقد دفع الرجل جراء مواقفه الوطنية ثمناً باهضاً خلال ماتعرض له من حملات تشويه قاسية تفتقر لادنى قواعد السلوك الانساني. والغريب ان الدولة العميقة المتمثلة بقوى متنفذة تكلف شخصيات ماجورة من جيش الدولة الخفية للقيام بطعن الدراجي وتسقيطه امام جمهوره من خلال افتعال الاكاذيب والصور، والفيديوهات الملفقة، فضلا عن التشويهات والاكاذيب المختلفة التي تاتي بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية وعزم الدراجي على خوض الانتخابات، لسببين اعلنهما الدراجي في الاعلام، هما ترسيخ مفهوم الدولة الحقيقي، والمساهمة في البناء والنهوض الاقتصادي والعمل على خدمة الاخرين وفق اخلاقه وادابه وتعاليمه الاسلامية.

ان الجيش الخفي او ما اصطلحنا على تسميته بالدولة الخفية التي تعمل لتعميق جراح الدولة، وتلبية رغبات الدولة العميقة المتنفذة في محاربة المصلحين والقادة الحقيين. هذا الجيش ليس خفياً حقاً، اذ ان معظم هؤلاء هم من الماجورين الفاشلين، وهم بدورهم جندوا غيرهم للنيل من القادة الحقيقيين ومن ضمنهم محمد الدراجي، الذي يؤكدعلى ان الصراع على اشده بين القوى المتسلطة والمستفيدة والتي تدجن الدين والسياسة والقانون، وتخضع كل شي لمصالحها وشهواتها وبين قادة فكر ومصلحين يرومون بناء الدولة، وتقديم الخدمات، والاسهام بحل المشكلات من خلال طروحات وفعاليات ومشاركات جادة.  ولا اخال ان هذه الصراع سيحسم الا بوعي الجمهور واقصاء العصابات وفرض الخيار الوطني وخيار الدولة الحقيقية على جميع الخيارات الاخرى

علق هنا