بغداد- العراق اليوم:
١/ كلّما وقَّعوا على وثيقةٍ وبمُختلف الأسماء والعناوين، قالوا لنا بأَنّ هذه تختلف عن أَخواتها السّابقات! هذه [غير شَكل!] والنّتيجة واحدة لم يتغيّر شيئاً على أَرض الواقع! بل العكس هو الصَحيح! المزيد من الخلافات والمزيد من التَّشرذم والمزيد من التّعقيدات السّياسية والمزيد من الدّماء وانتهاك الأعراض والدّمار، والمزيد من الفساد والفشل! والمزيد من ضياع الحقوق والفُرص! لانّ كل وثائقهم التي يوقّعونها بين الفينَةِ والأُخرى قائمة بالأساس على التّسويات والتّرضيات التي اثبتت فشلها منذ اللّحظة الأولى، والتي لا يستفيد منها الا هُم أَنفُسَهم، واقصد بهم [العصابة الحاكمة] فكلّ شَيْءٍ يفصّلونهُ على مقاساتهم بالتَّمامِ والكمالِ!.
فهل نسينا قانون العفو العام؟! من الذي استفادَ مِنْهُ غَير السياسيّين ومحازبيهم وأَقاربهم والمقرَّبين منهم، أَمّا المواطن العادي فلا يحتاج لمثلِ هذا القانون بالأَساس لانّهُ لم يفعل شيئاً من الجرائم المنصوص عليها في قانون العفو ليتمّ العفوَ عَنْهُ!.
واليوم فانَّ وثيقة ما يُسمى بالتّسوية التّاريخية سوف لن يكون حالها أفضل من أَخواتِها السّابقات!.
٢/ لو كانت الأكثريّة العدديّة، الكتلةُ النيابيّةُ الاكثرُ عدداً، قد نجحت في تقديمِ نموذجٍ وطنيٍّ صالح وناجح ولو بنسبة (٥٠٪) فقط لا أَكثر لما احتاجت الى ان تتبنّى كل هذه الوثائق! الا انّ فسادهم وفشلهم والاثارات الطّائفية التي تبنّتها كلّ الاطراف السّياسية والحزبيّة كمنهجيّة! وبكلّ اشكالِ الاثارات، وعلى مدى أَكثر من عقدٍ من الزّمن، وسعيهم لتحشيد شارعهم على هذا الأساس ما دفع باتّجاه الأحتِقان الطّائفي! هو الذي أوصلهم جميعاً وبلا استثناء الى هذا الفشل الذّريع والفساد العظيم، ما يدفعهم اليوم لتبنّي مثل هذه الاوراق الصّفراء ليس لحمايةِ الشّعب وتعويضهِ أَو لخدمتهِ أَبداً وإِنّما لحمايةِ أَنفسهم، فسادهُم وفشلهُم، من خلال الدَّعوة الى تبنّي فكرة تصفير الأَزمات بينهم والذي يعني بالضَّرورة تصفير المسؤوليّة!.
٣/ لقد بانت خلال اليومَين الماضييَن إِتّجاهات النّهايات المقصودة من [التّسوية التّاريخية] المزعومة! فانّ ما شهدتهُ أَربيل مؤخراً من إِجتماعات ومُداولات نبَّأت بشكلٍ واضحٍ ما يُرادُ من هذهِ الوثيقة! إِنَّهُ إِعادة تدوير أسباب الفساد والفشل والارهاب!.
كما انَّ تصريحات السيد بارزاني اليوم كذلك تنبِّئ عن النّتيجة التي ينتظرها السياسيّون من الوثيقة على الرّغم من انّ ما ذكرهُ بشأن إِتّفاقات بين #بغداد وواشنطن من جهةٍ وأَربيل من جهةٍ ثانيةٍ لا أَساس لها من الصِّحّة أَبداً، حسب تصريحات خاصَّة أَدلى بها لي شخصيّاً مسؤولٌ رفيع المستوى في #بغداد! على اطِّلاعٍ تامٍّ بكلّ تفاصيل الاتّفاقات المُشار اليها.
٤/ برأيي، فَلَو انّ السياسيّين ينشغلونَ بالانجازِ الحقيقي أفضل لهم وللعراق ولشعبهِ من أَن ينشغِلوا بتدوين الإنشاء ورصّ الجمل المنمَّقة واستخدام كلّ جماليّة الّلغة العربيّة لتدوينِ وثيقةٍ لا تستحقّ من الاهتمام حتّى قيمة الحبر الذي دُوِّنت فيه!.
نحن الآن نقف على أَعتاب تحرير آخر شبرٍ من أَرض العراق الطّاهرة من دَنَسِ ونجاسةِ الارهابيّين، فالانتصارات التي تحقّقها قوّاتنا المسلّحة الباسلة والشُّجاعة تبشِّرُ بقرب النّصر النّهائي بإِذن الله تعالى، وهناك مدنٌ كاملة مدمَّرة ومُلغَّمة بحاجةٍ الى تنظيف وتطهيرٍ وإعادةِ بناءٍ، وهناكَ أُسَرٌ بأَعدادٍ غفيرةٍ تنتظرُ العودةَ الى بيوتِها، أَفليس من الأفضلِ ان ينشغلَ السياسيّون في مثلِ هذه المواضيع الملحَّة التي لو حقَّقوها على أَرضِ الواقع لتحقَّقت المصالحة والتَّسوية التّاريخية بشكلٍ طبيعيٍّ وبِلا تكلُّف وبِلا ثمن العودة الى المُربَّع الأَوَّل الذي أنتجَ كلَّ هذا الارهاب والدّمار والدِّماء وانتهاك الأعراض؟!.
أوَليس من الأفضلِ ان يعمل السياسيّون على تحسينِ خطابهِم السّياسي بدلاً من ان ينشغلوا بتدوينِ الوثائق التّافهة التي لا تُغني ولا تُسمن من جوعٍ؟!.
أَوليس من الأفضلِ لهم ان يحترموا سيادة العراق وهيبته التي ينتهكوها ويتجاوزوا عليها يومياً؟ كان آخرها إرسال العشرات منهم لبرقيّات التّهنئة للرّئيس الأميركي الجديد! وكأَنّهم يقدّمونَ لهم عرائِضَ بطلباتهِم وحاجاتهِم! وهو الأَمرُ الذي لم تشهدهُ أَيّة دولة في العالم الا العراق! فالرئيس الفائز تلقّى برقيّة تهنئة واحدة من كلِّ دولة الا العراق تلقّى مِنْهُ عشرات البرقيّات وكأنّهُ دولة مُفكّكة لكلِّ واحدٍ من السياسيّين قطيعةً مِنْهُ يعبِّر عن رأيها وموقفَها؟!.
٥/ إِنّهم يتصوّرون انّ المُشكلة في الوثائِق! ولذلك فانَّ لهم وثيقةً يوقّعون عليها كل عدَّة أَشهر! والحال انّ المشكلة ليست في الوثيقة! فاين الدستور من كلّ هذا؟! أَين القوانين والتّشريعات التي أقرّها مجلس النوّاب من كلِّ هذا؟! أَين وزارة المصالحة الوطنيّة وميزانيّاتها الضّخمة من كلّ هذا؟!.
يا سادة يا لِئام؛ المشكلةُ في العقليّةِ وليست في النُّصوص، فمِليون [ تسوية تاريخية] لن تُجدي نفعاً قبلَ تغيير العقليَّة!.