بغداد- العراق اليوم:
تشكل العلاقات العراقية الايرانية احد ملفات الانقسام الداخلي العراقي، حالها حال العلاقة مع أطراف إقليمية أخرى. محركات هذا الانقسام تتراوح بين الطائفي والسياسي، تطور لاحقاً الى انقسام داخل الطائفة الواحدة، بتغير آليات عمل الأطراف الإقليمية في الساحة العراقية فباتت مقسمة بين محورين رئيسين هما السعودية وإيران.
وتبعاً لذلك انقسمت مواقف الطرفين حيال الأطراف والملفات الإقليمية لكن السفير الايراني في بغداد إيرج مسجدي يقول اننا لم ولن نطلب من طرف عراقي أن يعادي السعودية أو أميركا مثلا كوننا في حالة توتر معهما. لم نطلب من العراق أن يأخذ موقفاً من أحد وفقاً لرغباتنا بل اننا ندرك ان العراقيين هم من يقرر وفقاً لمصالح العراق. قال إن ما تريده إيران منكم هو التعامل معها بإيجابية ومحبة” نريد تحالفاً بين أخوين وجارين بينهما مصالح مشتركة وعلاقات في كافة المجالات”، وكأنه يقول لنا اننا لا نريد لكم ان تكونوا في المقابل صدى لمواقف غير ودّية من دول أخرى تجاه إيران. السفير الذي كان يتحدث في ندوة نقاشية استضافها ملتقى بحر العلوم أمس الاول أجاب على الكثير من اسئلة الحاضرين قبل أن يطرحوها. تحدث بلغة شديدة الدبلوماسية مفعمة بالكثير من العاطفة والودّ لم تثن بعض الحاضرين عن طرح اشكالاتهم وهواجسهم، مؤكدين له ان العلاقات بين الدول تقوم على المصالح وليس العواطف، والمواقف العملية وليس الكلام الجميل. أحد المتداخلين نسي هدف النقاش (ما ينتظره كل طرف من الاخر)، ليمارس عملية جلد للذات وتحميل السياسيين العراقيين أسباب التدهور السياسي والاقتصادي والأمني العراقي، مما وفرّ للسفير مسجدي فرصة اعتلاء منبر المسجد وتقديم المواعظ والنصح للعراقيين في كيفية التعاون في ما بينهم وتوحيد كلمتهم وحلّ مشاكلهم بأنفسهم. “نريد عراقاً موحداً قوياً”، عبارة كررها السفير أكثر من مرّة وهو ما وصفه أحد الحاضرين بانه حاجة إيرانية أكثر منها موقفاً ايجابياً تجاه العراق، كيف؟ أجاب المتداخل: العراق نقطة تداخل وصراع ثلاث حضارات وثقافات هي العربية والتركية والفارسية، ومن مصلحة هذه الأطراف الثلاثة تحييده ودعم قوته ووحدته، كما فعلت اطراف الحرب العالمية الثانية مع فنلندا، ذلك أن أي ضعف للعراق او تفتيت لوحدته سينعكس سلباً على الداخل الايراني والتركي والعربي. آخر تساءل: كيف يمكن التوفيق بين تمسك ايران بوحدة العراق وقوة مركزه، وبين مساعدة ايران لأحزاب سياسية كردية في عملية تهريب النفط والغاز عبر الأراضي الايرانية مع ما يعنيه ذلك من اضعاف لقوة المركز ومساعدة هذه الأطراف في توفير مقومات الاستقلال مستقبلاً. لم يجب السفير عن هذا السؤال وادعى خلال دردشة بعد الندوة بانه نسيَ التطرق للموضوع. موضوع التدخل الايراني في العراق طرحه أكثر المتداخلين لكن السفير كان قد أجاب قبل أن يسألوا، عندما تساءل في مقدمته: يتحدث البعض عن تدخل ونفوذ إيراني في العراق، فما هو التدخل؟ . هل الاستجابة لطلب مساعدة من جانب الحكومة العراقية يعد تدخلا؟ هل أن نقل خبراتنا الإدارية والخدمية والاقتصادية والأمنية الى العراق يعد تدخلاً؟ وعندما اعترض بعض الحاضرين على ان ايران غيرت مسار ثلاثين نهراً تنبع من ايران وتصب في العراق لكنه نفى الامر بشدة ودعا الى التأكد من المعلومات مرجعا نقص المياه الى شح كبير في أمطار ايران العام الماضي. ختام النقاش مع الحاضرين كان سؤلاً طرحه السفير قال انه يمثل جوهر المشكلة في العراق: هل في العراق شخص أو مجلس بيده القرار الفصل في كل الامور؟. الحوار كان مفيدا، ونحتاج الى مثله مع سفراء دول أخرى مؤثرة في الساحة العراق أولهما تركيا والسعودية.
*
اضافة التعليق