بغداد- العراق اليوم:
فجرت دائرة الاتصال الخارجي في حكومة قطر، مفاجأة جديدة، عبر تسريبها تقريرا جديداً يفضح الدور السعودي في تمويل وتشكيل تنظيمات ارهابية في العراق بعد ٢٠٠٣، ومنها تنظيما القاعدة وداعش الارهابيان، وعلى ضوء هذا التقرير المخابراتي، وعلى الرغم من انه مكتوب برؤية قطرية، دفاعآ وهجومآ معآ، إلا انه يمكن اعتبار العراق، منذ عام 2003 حتى اليوم، عيّنة قد تساهم في الجواب على سؤال يقول "من يوفر الظروف الفكرية والمادية للإرهاب"؟
ومن خلال تتبّع هويات قيادات ومقاتلي التنظيمات المصنفة على لوائح الإرهاب، تحديداً"القاعدة" ثم "داعش". ولا يحتاج هذا الرصد لجهد كبير ليتبيّن أن السعودية كانت ولا تزال مصدراً رئيسياً للمقاتلين وللقيادات في كلا التنظيمين، بينما يحاول اليوم محور الرياض ــ أبوظبي تجنيد إعلامه لإخفاء حقيقة أخرى تثبتها الوقائع، وهي أنه، منذ 2003 حتى اليوم، لم يقتل أو يعتقل مواطن قطري، أو عماني واحد في صفوف هذين التنظيمين في بلاد الرافدين.
500 انتحاري سعودي
لقد بلغ عدد الإنتحاريين غير العراقيين الذين فجروا أنفسهم في العراق حتى نوفمبر/تشرين الثاني حوالي 2482 انتحارياً .. من بينهم 2150 عربياً، فيهم 500 سعودي، وستة إماراتيين، وخمسة بحرينيين. وهذه القائمة معدة ومسجلة من قبل فريد عبد الرحمن، مدير "مركز عمليات الرصد والمتابعة"، أحد المراكز غير الرسمية المموّلة من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي. ويؤكد عبد الرحمن، أن الإحصائية تلك قد تكون غير دقيقة بسبب كون العمليات الانتحارية تجعل أحياناً من المستحيل التعرّف على أشلاء الانتحاري، مع أن تلك الإحصائية "عرضت على مستشارين في التحالف الدولي بينهم الجنرال ستيفن أوك، أحد مستشاري التحالف، واعتبرها صحيحة".
من جهتها، تقول عضو اللجنة القانونية العراقية، النائب ابتسام الهلالي، إن "العراق لم يشعر بأي انخفاض لعدد الانتحاريين السعوديين ولا أدري لماذا لا يتم وقفهم ولا تتحرك الدوائر الغربية للضغط على الرياض بهذا الشأن".
من كرسي للمناصحة في الرياض إلى مقعد في سيارة شوفرولي مفخخة
في جنوب شرقي بغداد، أزهق سعد بن عبد الرحمن الشهري (31 عاماً) أرواح عشرات العراقيين عندما فجّر نفسه وسط من يصفهم داعش بالمرتدين". بهذه العبارة، يبدأ تقرير لجهاز المخابرات الوطني العراقي يسرد فشل السلطات السعودية في مشروع المناصحة الذي أطلق عام 2003 وعرف باسم مراكز المناصحة والمخصصة للعناصر المتطرفة وأعضاء تنظيم القاعدة ومن بعدهم تنظيم "داعش" الذين يتم اعتقالهم داخل المملكة أو العائدين من العراق، وأفغانستان واليمن وسورية وليبيا. ويهدف البرنامج، بحسب القائمين عليه، إلى تغيير أفكارهم وإعادة دمجهم في المجتمع مرة أخرى، وقد دشن في 13 مدينة ومنطقة بالسعودية. إلا أنه، وفقاً للتقرير العراقي الصادر في بغداد عن جهاز المخابرات الوطني، بالشراكة مع خلية الصقور الاستخبارية، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 الماضي، فإنه يصف مراكز المناصحة تلك بعديمة الجدوى، إذ سجل وجود انتحاريين سعوديين في العراق، سبق أن خضعوا للعلاج الفكري في هذا المركز.
فكرسي المناصحة، الذي استقطب، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي، خلال أقل من عامين زهاء ثلاثة آلاف متطرف لم يحرز أهدافه، وفقاً للتقرير نفسه، الذي تناول دولاً عربية أخرى في مجال تعاونها الاستخباري مع العراق في العامين الماضيين. فمعظم خلاصات التقرير تتضمّن تقييماً سلبياً، إذ إن تدفق الانتحاريين، وما يعرفون باسم كتائب الانغماسيين تارة، والمهاجرين تارة أخرى، على العراق وسورية وبغزارة من السعودية مستمر، وفقاً للتقرير، إذ يخرجون رسمياً من بلادهم بتذاكر سفر سياحية ليستقر الحال بهم عند خلايا التجنيد التي توصلهم إلى العراق وسورية.
ويكشف ضابط عراقي بارز في بغداد عن تسبّب هذا التقرير بفشل مفاوضات بغداد والرياض لتسليم الدفعة الأولى من المعتقلين السعوديين لديها. ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن "عدد المعتقلين السعوديين زاد خلال العام الماضي مع بدء استعادة السيطرة على المدن، وهناك آخرون قتلوا من قبل الجيش العراقي".
وتفتقر المؤسسة الأمنية العراقية إلى أرقام دقيقة حول أعداد المقاتلين العرب المتورطين مع التنظيم في العراق.
إلا أن العميد فلاح كاظم القريشي، أحد جنرالات الجيش العراقي في الموصل حالياً، يقدر المقاتلين العرب في صفوف التنظيم بأنهم أقل من نصف العدد الكلي، لكنهم يتولّون مناصب قيادية فيه. ويضيف القريشي، لا أعلم عدد أو جنسيات كل الدول لكن من المؤكد أن السعودية والأردن ومصر تحتل الصدارة بين الدول".
قيادات سعودية
ويشغل في العادة مناصب الإفتاء أو القاضي الشرعي في محاكم تنظيم القاعدة ومن بعده تنظيم "داعش" المعروفة باسم "ديوان المظالم ارهابيون عرب من الجنسية السعودية، بسبب ما يعرفون به من درايتهم في القواعد والمرجعيات التي نشأت عليها التنظيمات الإرهابية التي تحدثت باسم الإسلام لاحقاً، وفقاً للعميد القريشي، والذي اعتبر أنهم يستندون إلى فتاوى متطرفة جداً.
ووفقاً لتقرير صدر أخيراً عن مؤسسة "صوفان غروب" الأميركية المتخصصة في الأمن الاستراتيجي، فإن الجنسية السعودية احتلت المرتبة الثانية بأعداد مقاتلي تنظيم "داعش" في العراق وسورية بواقع 2500 مقاتل. وسبقتها دول المغرب العربي في المرتبة الأولى بواقع ستة آلاف مقاتل، بينما يحل ثالثاً الأردن ثم لبنان ثم مصر ودول عربية وغربية أبرزها فرنسا، بينما بلغ المجموع الكلي لمقاتلي التنظيم حتى نهاية عام 2016 ما بين 27 ألفاً إلى 31500 مقاتل، وفقاً للمؤسسة نفسها، ما يعني أن المقاتلين السعوديين يحتلون نحو 20 بالمائة من مقاتلي "داعش" في العراق وسورية.
ومن بين 44 قيادياً في التنظيم يمثلون الهرم الأعلى في "داعش"، يوجد 23 قيادياً من جنسيات عربية بينهم ستة يحملون الجنسية السعودية، أبرزهم سعيد الحربي، وعبد الرحمن القحطاني، فضلاً عن نايف العجمي الذي يشغل حالياً منصباً شرعياً في قيادة التنظيم، وعادل الشمري أبو أسامة مسؤول ديوان المظالم في ولاية الرقة.
عضو لجنة الأمن والدفاع العراقية النائب منصور البعيجي يقول إن "رئيس الوزراء مطالب اليوم برفع دعوى قضائية ضد الرياض، بعد وقوع وثائق تثبت انتقال مواطنيها للعراق وتورطهم بقتل عراقيين". ويضيف "السعودية قبل أن تتحدث عن مواجهة الإرهاب عليها أن توقفه داخل أراضيها، والإمارات متورطة في الموضوع نفسه، لكن من خلال التمويل عبر شركات مالية تتعامل مع إرهابيين بالعراق. وهذا ليس اتهاماً وإنما حقيقة لمسناها بالأدلة على الأرض العراقية، خصوصاً في معاركنا ضد داعش".
*
اضافة التعليق