تعديل "الأحوال المدنية" ينذر بإعادة إحياء القانون الجعفري

بغداد- العراق اليوم:

أنهى مجلس النواب، يوم الخميس، فصله التشريعي بقرار أثار الجدل بعد ذلك، منذرا بتفجّر قضية رأي عام جديدة.

وقررت رئاسة مجلس النواب تأجيل قراءة التعديل الاول لقانون (الاحوال المدنية) رقم 188 لسنة 1959، وطلبت من اللجنتين القانونية والاوقاف عقد اجتماع مشترك لإنضاج مشروع التعديل.

لكن نواباً اتهموا أطرافا نيابية بمحاولة إحياء قانون الاحوال الجعفري عبر قانون الاحوال المدنية.

وكانت كتلة الفضيلة البرلمانية قد طرحت عبر وزير العدل حسن الشمري، الذي ينتمي لها، قانون الاحوال الجعفري في آذار عام 2014.

وصوت مجلس الوزراء، في شباط 2014، على مشروع القانون واحاله الى مجلس النواب، لكنه واجه اعتراضات واسعة ادت الى سحبه من التداول نظرا لتضمنه بنوداً تتعارض مع القوانين المدنية.

وتقول النائبة ريزان شيخ دلير، عضو لجنة المرأة والأسرة النيابية، "ليس من المنطق ان يشرع العراق قانونا مدنياً للأحوال الشخصية عام 1959، ومن ثم يأتي اليوم بتشريع ومضامين جديدة تنسف الروح المدنية والحضارية للبلاد".

واضافت دلير، ان "تعديلات قانون الاحوال الشخصية فيه اجحاف بحق المرأة والقاصرات اللواتي سيكونن ضحية لهذا التشريع"، معبرة عن استغرابها من "رغبة بعض القوى الشيعية السياسية بتقليل سن الزواج للفتيات والتركيز على ذلك الامر". واكدت حرصها على "تنسيق المواقف لتعطيل المادة 41 من القانون لكونها تشكل عامل تفريق وتشتيت بين المذاهب".

يذكر أن المادة 41 من الدستور تنص على أن "العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون".

ودعت الشيخ دلير، في بيان اصدرته يوم الاحد، لجنة الاوقاف والشؤون الدينية النيابية الى "عدم المساهمة بدعم هذا القانون واثبات قدرتها على مواكبة روح العصر، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني والمختصين في هذا الشأن من خلال القيام بحملات توعية لشرح هذا القانون لعامة الناس".

وطالبت النائبة الكردية "بإيضاح كيف ان مثل تلك القوانين يمكن ان تطيح بكرامة المرأة وتدنسها وتذهب بكل ما عملنا عليه بعد عام 2003، من رفع شأن المرأة في المحافل العربية والدولية أدراج الرياح".

في سياق متصل، يرى نواب آخرون ان تعديل قانون الاحوال الشخصية من شأنه إحياء مضامين قانون الاحوال الجعفري ولكن بأساليب ملتوية.

ويؤكد النائب جوزيف صليوة "نجري اتصالات مع بعض اللجان البرلمانية والجهات المدنية لغرض منع تمرير هذه التعديلات التي لو مررت ستسهم بأضعاف الحس الوطني لدى المجتمع وتحل بدله لغة المذاهب والطوائف".

بدوره يعترض النائب أمين بكر، عضو اللجنة القانونية النيابية على بعض تعديلات قانون الاحوال الشخصية، لكونها تعاملت مع الكثير من الاشكاليات القانونية التي تخص الاسرة "بطريقة تنذر بتفكك اجتماعي ومنها تسهيل قضية التفريق والطلاق".

وكان وزير الداخلية قاسم الاعرجي قد كشف تقديمه طلبا لتعديل قانون الاحوال المدنية، مشيرا الى تقديمه حزمة مقترحات تتضمن منح الجنسية للغجر والقرج، بالإضافة الى تسهيل حصول زوجة العراقي على الجنسية العراقي عبر خفض مدة الاقامة التي ينص عليها القانون الساري.

وصدر أول قانون للأحوال الشخصية رقم 188 في عام 1959، وقد استند الى أحكام الشريعة الإسلامية، مستمزجا فقه المذاهب الإسلامية دون تحيز، إلا ان القانون لم يبق على حاله بل طرأت عليه تعديلات كثيرة، كان اولها في العام 1963.

وتوالت التعديلات في السبعينيات والثمانينيات، وأضيفت بموجبها مبادئ جديدة، اغلبها ينصف المرأة، باستثناء ما كان منها ذا طابع سياسي، وقد صدر قرار 137 من مجلس الحكم الانتقالي الذي تولى جانبا من إدارة العراق عقب سقوط صدام حسين عام 2003، يقضي بإلغاء قانون الأحوال الشخصية ويعيد العمل بالقضاء المذهبي، إلا ان القرار ألغي بعد صدوره بفترة وجيزة في العام 2004.

علق هنا