بغداد- العراق اليوم:
رأي جريدة الحقيقة
في لحظة سياسية مفصلية، وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد في زيارة وُصفت بالتاريخية، لتتويج مسار طويل من عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، وإعلان اقتراب طيّ صفحة امتدت لأكثر من عقدين من الحضور الأممي الذي رافق البلاد في أدق مراحلها وأصعبها.
بعثة «يونامي» التي تأسست في ظل ظروف استثنائية، جاءت يوم كان العراق يرزح تحت إرث ثقيل من الحروب، والانقسامات الإثنية والطائفية، وانهيار مؤسسات الدولة، وتفكك البنية الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى مدى أكثر من عشرين عاماً، لعبت البعثة دوراً سياسياً وإنسانياً واستشارياً مهماً، واكبت فيه التحولات العاصفة، من العنف المفتوح إلى محاولات بناء الدولة، وصولاً إلى مرحلة الاستقرار النسبي التي يشهدها العراق هذه الأيام ..
خلال الزيارة، لم يخفِ الأمين العام للأمم المتحدة إعجابه و اعترافه و إشادته بوضع العراق الحالي وموقعه المهم، مؤكداً أن البلاد تنعم اليوم بدرجة عالية من الاستقرار، حيث بات العراق بلداً طبيعياً يعيش فيه أبناؤه بقدر متزايد من الرفاه والأمان والطمأنينة.
كما أشار بوضوح إلى أن مسار التنمية الاقتصادية بات ملموساً، وأن بغداد تجاوزت الكثير من التحديات التي كانت تُصنف على أنها مستعصية.
هذا التحول النوعي لم يكن وليد الصدفة، ولا نتيجة عامل واحد، بل هو حصيلة تراكم جهود وطنية كبيرة، تصدرتها حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، التي استطاعت، خلال فترة قصيرة نسبياً، أن تجنب البلاد مآلات الشر والانزلاق إلى أتون الحروب الإقليمية التي عصفت بدول مجاورة، ودمرت مدناً وبنى تحتية، وأعادت مجتمعات بأكملها إلى نقطة الصفر. فالعراق، الذي كان كثيرون يضعونه في قلب العاصفة المقبلة، نجا دون شك.
والسؤال الجوهري الذي يفرض نفسه اليوم: كيف نجا العراق ؟
لقد نجا العراق بالحكمة والحنكة السياسية.. ونجا حين قُدمت مصلحة الدولة على منطق المحاور، وجرى الفصل بين ما يخدم الشعب العراقي وما يجرّه إلى صراعات الآخرين.
وبضرس قاطع نقول إن العراق نجا بقيادة رجل أدرك حساسية اللحظة، وميز بدقة بين التموقع الذي يحمي العراق، والارتهان الذي يهدده.
هكذا، استطاع محمد شياع السوداني أن يحمي البلاد من كلفة كانت ستكون باهظة لو كُتب لها أن تقع لا سمح الله. غير أن هذه اللحظة المفصلية، التي يُفترض أن تكون نقطة انطلاق لاستكمال مسيرة البناء والاستقرار، تواجه اليوم خطراً من نوع آخر. فبدلاً من البناء على ما تحقق، تطل «الأناوات» الضيقة، وحسابات التنافس الشخصي لبعض قادة الإطار التنسيقي، لتلوح بإجهاض جهود الحكومة وتعطيل مسار الاستكمال، واستبدال ما هو أفضل بما هو أدنى.
إن إغراق العراق مجدداً في دوامة الصراع السياسي، وتعطيل مشروع الدولة لصالح مناكفات داخلية، لا يعني سوى إضاعة فرصة تاريخية ثمينة للتقدم والازدهار. فرصة دفع العراقيون أثماناً باهظة للوصول إليها، ولا يحتملون اليوم التفريط بها.
والسؤال الذي يطرحه الشارع العراقي بمرارة ووضوح: لماذا يتنكر الإطار التنسيقي لابنه السياسي محمد شياع السوداني؟ ولماذا يُدار الظهر لرجل قدمه العراقيون بوصفه مخرجاً من أزمات متراكمة، ورمزاً لإدارة عقلانية جنبت البلاد الأسوأ ؟
إن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى بغداد، وإعلان انتهاء دور «يونامي»، ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل شهادة دولية على أن العراق دخل مرحلة جديدة. مرحلة تتطلب مسؤولية وطنية مضاعفة، وحماية لما تحقق، لا هدمه. فالتاريخ لا يرحم من يضيّعون الفرص، ولا يعفي من يبددون إنجازات الشعوب عند أول مفترق مصالح ضيقة.
*
اضافة التعليق
اللامي يعلن انضمام العراق للرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد (IAACA) رسمياً
الأمين العام للأمم المتحدة يشيد بالتطورات الحاصلة في العراق
زيدان يدعو القوى السياسية لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في اختيار الرئاسات الثلاث
سلطة الشعب أعلى من سلطة الإطار التنسيقي
يتقدمهم السوداني..الإطار التنسيقي يبدأ بتدقيق أسماء مرشحي رئاسة الحكومة
الادعاء العام يحث المحاكم على الحد من التوقيف الطويل واعتماد البدائل القانونية الكفالات والغرامات