بغداد- العراق اليوم: بقلم الفريق الركن احمد عبادي الساعدي في المشهد الراهن تبدو الولايات المتحدة امام معادلة معقدة فبعد عشرين عاما من الاستثمار الامني والسياسي والاقتصادي في العراق ترى واشنطن ان النتائج التي كانت تطمح اليها لم تتحقق وان بنية النظام ما تزال هشة وعرضة للانقسام وان الاقدام على تغيير جذري قد يقود البلاد نحو فوضى واسعة يصعب التحكم بمسارها فالعراق ينزف بلا توقف واي صدمة جديدة قد تعيده الى حافة الانهيار وتنعكس على كامل الاقليم ويأتي هذا القلق مع تصاعد نفوذ الاحزاب والفصائل المسلحة بعد انتخابات الفين وخمسة وعشرين الامر الذي منحها شرعية سياسية اضافية وجعل التعامل معها اكثر حساسية واعمق تكلفة اذ تخشى واشنطن ان اي محاولة لاحتواء نفوذ هذه القوى قد تتحول بسرعة الى مواجهة مسلحة تمتد من المدن الى خطوط التماس الاقليمية كما تتعقد العلاقة بين بغداد واربيل يوما بعد آخر فالكرد رغم تمتعهم بحكم ذاتي كامل يشعرون بان حقوقهم غير مصونة وان الهوة مع المركز تتسع في ملفات النفط والادارة والامن فيما تصعد بعض القوى الكردية خطاب الدولة القومية الكبرى الذي ترى فيه واشنطن احتمالا قائما لكنه شديد الحساسية وقد يشعل ردود فعل عنيفة لدى دول الجوار التي لن تقبل بتغيير جغرافي يلامس امنها القومي ومع هذا المشهد الداخلي المضطرب تتعامل الولايات المتحدة بحذر بالغ لان انهيار العراق يعني اهتزاز امن الخليج وتركيا وسوريا والاردن كما يعني توسيع المجال لقوى منافسة على مستوى الصراع الدولي ولهذا باتت واشنطن تركز على ادارة التوازنات ومنع الانزلاق نحو الفوضى اكثر من سعيها لاعادة تشكيل النظام من جديد وفي الوقت ذاته تبرز ضرورة بناء تهدئة داخلية تدريجية بين القوى الشيعية وبين بغداد واربيل وبين الحكومة والفصائل من اجل منع تشكل صدام قد يدفع البلاد الى مرحلة اكثر سوداوية وتعمل واشنطن مع بغداد على اعادة فتح مسارات تفاهم حول النفط والحدود والرواتب وادارة الامن بما يخفف من احتمالية التصعيد وفي قلب هذا المشهد يبرز عنصر اخر لا يقل خطورة وهو مستقبل الحكم في بغداد اذ لم يعد امام الكتل السياسية العراقية سوى خيار واحد لا بديل عنه وهو تشكيل كابينة حكومية قادرة على استيعاب الجميع وتمتلك رؤية واضحة لازالة اسباب الاحتقان وان تعمل على حل الازمات بهدوء وان تبتعد بالعراق عن الصراعات الاقليمية لان اي انجرار نحو المحاور سيضع البلاد في مواجهة تتجاوز امكاناتها وتهدد استقرارها والعامل الاكثر حساسية يتمثل في النقمة الشعبية المتراكمة التي بدأت تتجمع في الشارع فالغضب العام لم يعد سابحا في الهواء بل تحول الى حالة اجتماعية واسعة مرشحة للانفجار بسبب الفقر والبطالة والفساد وضعف الخدمات وانعدام الثقة بالطبقة السياسية وهذا يشكل التهديد الاكبر الذي سيواجه الحكومة المقبلة لان الشرارة الشعبية اذا انطلقت فلن يكون بمقدور احد السيطرة على مسارها او حدودها وبذلك يصبح التحدي الحقيقي امام القوى السياسية ليس في توزيع المناصب بل في بناء معادلة حكم جديدة تعيد الثقة وتحمي الدولة من الانهيار وتمنع تفكك المجتمع وتضمن عدم انزلاق العراق الى دورة اضطراب قد تكون الاكثر خطورة في تاريخه الحديث فالخلاصة ان العراق يقف فوق ارض رخوة تتحرك تحت ثقل النزاعات الداخلية والضغوط الاقليمية وتغيرات الصراع الدولي وان الطريق الوحيد الممكن هو خفض التوتر وصناعة حكومة جامعة ومنع الانخراط في صراعات الجوار وفتح نافذة امل للشعب قبل ان تتحول حالة السخط الى انفجار شامل يعيد رسم كل المشهد بقوة العاصفة لا بقرارات السياسة كتب ببغداد ٧ كانون الاول ٢٠٢٥
*
اضافة التعليق
المنافذ الحدودية تحقق إيرادات 2 تريليون دينار
العراق يعتزم عرض اثار غير معروضة سابقاً في متحف جديد
الانواء الجوية تدعو المواطنين إلى الحذر
إطلاق سراح أكثر من 700 محكوم من سجون العدل
الكشف عن نسبة الأمية في العراق
صمتٌ مريب… وازدواجية فاضحة: ما الذي يجري في أربيل؟