من الأفضل لرئاسة حكومة العراق في هذه الظروف العصيبة: السوداني أم المالكي؟

بغداد- العراق اليوم:

أ. د / حسن عرمش الكناني 

في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق سياسياً واقتصادياً وأمنياً، يتجدد السؤال حول الشخصية الأكثر قدرة على إدارة الدولة في هذه المرحلة الحساسة: محمد شياع السوداني أم نوري المالكي؟ ورغم أن القرار النهائي يعود للقوى السياسية وأولها وأهمها قوى الإطار التنسيقي، إلا أن قراءة مواقف الداخل والخارج وتجارب الحكم السابقة تمنح هذا السؤال أهمية بالغة.

دولياً: يواجه نوري المالكي اليوم مشهداً سياسياً معقداً يتسم برفض إقليمي ودولي تقريباً لعودته إلى رئاسة الحكومة، وهو رفض نابع للأسف من أخطاء وقرارات اتخذت في ولايتيه الأولى والثانية وما ترتب عليها من تداعيات خطيرة ما زالت تؤثر في الواقع العراقي. 

أما داخلياً، فالمالكي يعاني من توترات سياسية عميقة، أبرزها العداء المستحكم مع التيار الصدري، إضافة إلى علاقات متشنجة مع أغلب القوى السنية التي تحفظت بشدة على سياسات حكومته السابقة، وكذلك مع معظم القوى الكردية التي لا تزال ترى أن المرحلة التي قادها  أبو اسراء كانت مليئة بالأزمات وسوء التفاهم.

 حتى داخل المكوّن الشيعي نفسه، يجد المالكي صعوبة بالغة في بناء تفاهمات مستقرة، ما انعكس على تقلص دائرة تحالفاته وتأثيره السياسي.

وتبقى الولاية الثانية للمالكي واحدة من أكثر الفترات جدلاً في التاريخ السياسي العراقي الحديث، بعد أن شهدت استفراداً بالقرار، وتراجعاً كبيراً في الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتفككاً سياسياً واجتماعياً انتهى إلى سقوط ثلث مدن العراق بيد تنظيم داعش. 

كما ارتفعت في تلك المرحلة معدلات الفساد بشكل غير مسبوق، وتفاقمت المشاكل الإدارية والمالية، ما جعل فترة حكمه تعد من أكثر الفترات التي تركت إرثاً ثقيلاً يصعب تجاوزه.

في المقابل، يظهر محمد شياع السوداني بصورة ربما هي نقيضة لهذا المشهد. 

فمنذ تكليفه بإدارة الحكومة، والرجل يبني شبكة علاقات إيجابية داخلية انعكست على استقرار المشهد السياسي.

 حيث يتمتع السوداني بمقبولية واضحة لدى القوى السنية والكردية، وفي الوقت نفسه يحافظ على توازن داخل المكون الشيعي، دون انحيازات حادة أو مواجهات مفتوحة

 إن هذا التوازن أتاح له مساحة واسعة للحركة وتنفيذ برامج حكومية واقعية وبارزة.

والسوداني قدم بحق وبدون تحيز، وأداءً تنفيذياً متقدماً في العديد من الملفات، من بينها مكافحة الفساد عبر دعم المؤسسات الرقابية، وتحسين الخدمات الأساسية، وفتح ملفات المشاريع المتوقفة منذ سنوات، إضافة إلى خطوات اقتصادية تستهدف تنويع مصادر الدخل وتحسين بيئة الأعمال. 

وقد لاقى هذا الأداء قبولاً شعبياً ملحوظاً، خصوصاً مع خطاب حكومي يتسم بالهدوء والعقلانية.

إقليمياً ودولياً، يحظى السوداني بدعم واضح وملموس، سواء من الدول العربية أو من الشركاء الدوليين. 

وهذا الدعم يعكس ثقة تلك الأطراف بقدرته على إدارة التوازنات السياسية، واعتماد سياسة خارجية هادئة تسعى إلى حماية المصالح العراقية دون التورط في صراعات المحاور التي أرهقت المنطقة.

خلاصة المشهد تشير إلى أن المالكي، رغم نفوذه داخل بعض دوائر القرار، يواجه معارضة واسعة تجعل عودته إلى رئاسة الحكومة أمراً بالغ الصعوبة، بينما يبدو السوداني اليوم أكثر قدرة على قيادة البلاد في هذه المرحلة العصيبة، نظراً لمقبوليته السياسية، وأدائه التنفيذي، وعلاقاته المتوازنة، ودعم المجتمعين الإقليمي والدولي له.

وبين الإرث الثقيل للمالكي والنهج التوافقي للسوداني، تبدو الكفة راجحة لصالح الأخير باعتباره الشخصية الأكثر انسجاماً مع متطلبات الظرف العراقي الراهن.. أما إذا حدث العكس وصوت قادة الإطار التنسيق لولاية ثالثة لنوري المالكي، فأعتقد ان الأمر سينتهي بندم، وساعتها لن يفيد الندم وعض الأصابع !