بوجود السوداني ..نور زهير لن يعود ثانيةً

بغداد- العراق اليوم:

عاش العراقيون خلال الساعات الماضية لحظات ثقيلة ومشحونة بالقلق بعد التصريح الذي أدلى به وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، والذي قال فيه إن أكثر من تريليوني دينار فقدت من حساب صندوق الرعاية الاجتماعية دون معرفة الجهة التي سحبت تلك المبالغ الكبيرة.

كان وقع التصريح صادماً، ودفع الشارع العراقي إلى استعادة كوابيس الماضي القريب التي لم تندمل آثارها بعد.

فالذاكرة الجمعية للعراقيين لا تزال تحمل مرارة سرقة القرن التي هزت البلاد خلال الحكومة السابقة، وكان بطلها المجرم نور زهير الذي استولى على أكثر من ثلاثة تريليونات دينار من أمانات الضرائب دون أن يدري بها أحد لسنوات.

ومع كل الأجواء السياسية والاقتصادية الهشة، بدا تصريح الوزير وكأنه يعيد فتح الجرح ذاته، ليقود الشارع إلى سؤال واحد:

هل عاد نور زهير من جديد؟

في خضم هذا التوتر، تابعنا كصحافة وطنية مسؤولة ردود الفعل المتصاعدة، ورصدنا الغضب الشعبي الذي انتشر بسرعة، حتى بات كثيرون يخشون أن يكون البلد أمام نسخة جديدة من نهب المال العام. وكان السؤال يخيم على الناس: هل يلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟

لكن مع توسع الجدل وتبادل التصريحات، بدأت الحقيقة تتكشف تدريجياً.

فقد أصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بياناً نفت فيه بشكل قاطع وجود أي عملية سرقة أو استيلاء، موضحة أن تصريح الوزير فُهم خطأً، وأن القضية تتعلق بمشكلات فنية وإدارية في حساب الصندوق، وليس بضياع أو اختفاء أموال.

كما أكدت وزارة المالية من جانبها أن أموال الصندوق موجودة بالكامل ولم تُسحب أو تختفِ، وأن الحسابات الرقمية مثبتة.

وفي السياق نفسه، أصدر مصرف الرافدين بياناً تطمينياً، شدد فيه على أن الحسابات سليمة، وأن المبالغ محفوظة، وأن ما جرى ليس سوى تداخلات فنية لا تمسّ أرصدة المستفيدين أو سيولة الرواتب.

هذه البيانات المتتالية أعادت الهدوء تدريجياً إلى الشارع، الذي بدأ يتنفس الصعداء بعدما أدرك أن ما حدث لم يكن إلا سوء فهم أعقب تصريحاً لم يُصغ بدقة كافية، وليس سيناريو لعملية نهب جديدة.

وبعد انجلاء الصورة، ترسخت قناعة لدى المواطنين بأن حكومة محمد شياع السوداني لن تسمح بتكرار تجربة “نور زهير” ولا بعودة ذلك المشهد الكارثي، وأن الرقابة والمتابعة باتتا أشد من أن تمر مثل هذه الأفعال دون كشف أو محاسبة.

الشارع هدأ… والطمأنينة عادت، لكن هذا لا يعني أن نور زهير غير موجود فعلاً. فهؤلاء الطفيليون و"دود العلق" — كما يصفهم الشارع — موجودون دائماً، يترقبون اللحظات الرخوة والمناطق الهشة للانقضاض على الدولة ونهب مواردها المالية كلما سنحت لهم الفرصة.

إلا أن الضمانة الحقيقية والمانعة لعودة مثل هذه النماذج تبقى في وجود السوداني وحكومته، التي نجحت حتى الآن في كبح جماح هؤلاء وردعهم عن المال العام، عبر إحكام الرقابة وتشديد المتابعة وإغلاق المنافذ التي كانت تُستغل سابقاً لتنفيذ جرائم الفساد الكبرى.

لقد أدرك العراقيون اليوم أن المشهد تغيّر، وأن نور زهير… لن يعود ثانيةً مادام أن هناك  رئيس الوزراء أسمه محمد شياع السوداني.