بغداد- العراق اليوم:
افتتاحية جريدة الحقيقة
فالح حسون الدراجي
ارتفع هذه الأيام منسوب الطائفية بشكل خطير، حتى بات يهدد الوحدة الوطنية، وينذر السلم الإجتماعي بالخطر الشديد إن لم نردم البؤر الخبيثة، ونعالج حالاً الأسباب، ونعاقب العناصر الفاعلة .. وهل هناك اخطر من الفتنة الطائفية التي يريد البعض إيقاضها من منامها، بسبب مصالحه الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة جداً.. ولا أجد نفسي مبالغاً قط حين أحذر من خطورة هذا الخطاب الكريه الذي لم يعد للأسف مقتصراً على طائفة معينة، ولا حتى على أشخاص معينين، بل أصبح ( باروكة) شعر مستعار، تلبسها ( القرعة وأم شعر) معاً هذه الأيام ! ولعل المؤلم أن أشخاصاً لهم وزن فاعل في الميدان السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، دخلوا ملعب الطائفية القذر من باب الإنتخابات دون أن يكون لهم سجل في تاريخ الطائفية من قبل.. وإذا كان البعض يعلق أسباب هذا الخطاب ( المفاجئ ) على شماعة الدعاية الانتخابية، مدعياً أن هذا التحريض (الطائفي) يأتي لأجل الفوز بأصوات الطائفة ليس أكثر ، فإني أرى في هذا التبرير إدانة مزدوجة تشمل المرشح الطائفي، و جمهوره أيضاً .. إذ لو لم يكن جمهوره راغباً بهذا الخطاب، وباحثاً عن من يدغدغ حسه ومشاعره الطائفية، ومتفاعلاً معه بشكل عاطفي، ومنسجماً مع لغة وهدف وروح وجوهر هذا الخطاب المقيت، ومستعداً لسماعه وقبوله بل والموافقة عليه، لما تحدث به المرشح قط، ولا فكر بطرحه قطعاً . إذاً فالمشكلة ليست في المرشح فحسب، إنما في جمهوره المستعد لسماعه والتفاعل معه.. وإلا ما معنى أن يطرح أحد الزعماء السياسيين خطاباً طائفياً متطرفاً في مدينة الطارمية، فيصفق له الجمهور بقوة، ويتفاعل معه بهستيرية، مستجيباً لنداءاته المتطرفة الكريهة، علماً أن هذا الزعيم لم يكن معروفاً بمثل هذا المزاج الطائفي من قبل، ولا حتى بمثل هذا التحيز المناطقي الأعمى؟! .. ونفس الخطاب الطائفي تسمعه في الضفة الأخرى، ومن مرشحين كثيرين للأسف الشديد..حيث يتسابقون على التحريض الطائفي وبمختلف الأدوات بل وستجد حتى في المساحات القومية التي تنعدم فيها سبل الطائفية والمذهبية، من يرفع نبرة خطابه القومي الشوفيني هذه الأيام.. فالخطاب القومي الحاد و الشوفيني، سواء أكان كردياً أم عروبياً أم تركمانياً، هو برأيي يؤدي كذلك إلى نفس النتائج الطائفية التدميرية.. فالتسابق في لغة التطرف الطائفي بين المرشحين على أشده هذه الأيام للأسف الشديد، وهذا ما يجعلنا نقلق بل ونخاف على أمننا الوطني وسلامنا الإجتماعي. ثمة عدد غير قليل من المحللين والكتاب والمراقبين أدركوا خطورة هذا الخطاب الكارثي، وأدى استخدامه كوسيلة من وسائل الحصول على أصوات الناخبين والوصول لعضوية مجلس النواب، وقد أشاروا اليه في أكثر من مكان ومقال وتحليل ..! إن تصاعد حدة خطابات الطائفية والكراهية في الآونة الأخيرة، أمر يهدد السلم المجتمعي دون شك، وينذر بتدمير السور الوطني العالي الذي تم تشييده بدماء الشهداء العراقيين الأحرار .. ومما يزيد المخاوف أن عودة الخطاب الطائفي والقومي تأتي بقوة إلى الواجهة السياسية والإعلامية في العراق، بالتزامن مع تحذيرات متصاعدة من منظمات حقوقية تجد أن البلاد تتجه هذه الأيام نحو ما وصفته بدورة انتخابية "مسمومة"، تقوم على أسس استدعاء الهويات الفرعية وصناعة الانقسام. وبحسب هذه المنظمات، فإن حملات التصعيد الطائفي لم تعد تقتصر هذه الأيام على متطرفين أو حسابات وهمية بل تسلل إلى الحملات الإعلامية لمرشحين في الانتخابات الحالية، ولسياسيين ومسؤولين معروفين كبار ، كما بات مادة رئيسة في بعض البرامج التي تبث عبر قنوات معروفة الولاء لقوى سياسية نافذة، ناهيك من الخطابات الطائفية المباشرة التي يتسابق على كسب لواء تطرفها بعض الزعماء والسياسيين والمرشحين العراقيين .. فالطائفية كما يعرف الجميع، تؤدي إلى تدمير البنية الوطنية من خلال إضعاف الهوية الجمعية لصالح الهويات الفرعية، وتهدف الى تفكيك النسيج الاجتماعي عبر نشر الكراهية والتعصب، وإحداث انهيار أخلاقي بتجاوز القيم الإنسانية والوطنية لصالح المصالح الطائفية والشخصية الضيقة.. وهذا بالضرورة يؤدي إلى الاستقطاب، والضعف الأمني، والجمود في التنمية، وعجز الدولة عن تحقيق الاستقرار والتنمية. إضافة إلى أن الخطاب الطائفي يؤدي الى تشجيع الميليشيات الطائفية، ويدعم القوى الخارجة عن القانون، وهذا بالنتيجة سيضعف سلطة الدولة، ويحد من قدرتها على فرض القانون وتنفيذ التنمية المتوازنة، فتصبح الدولة عرضة للصراعات الداخلية والعنف، مما يقوض الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي، ويسهم في تفكيك الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، مما يؤدي حتماً إلى صراعات وفجوات عميقة.. ولا أحد ينكر أن الطائفية تنمي مشاعر الكراهية والتعصب والتمييز ضد الآخرين، وتجعلهم في نظر أصحابها ( كفاراً ) أو أعداء. وكي نفشل هذه المساعي، ونسقط الجدار الواهن الذي يستند اليه ويتكئ عليه هؤلاء المرشحون الطائفيون، دعونا نخذل آمالهم المقيتة أولاً، وأن نخيب ظنونهم البائسة، فنحرمهم من أصواتنا يوم الانتخابات، فنجعلهم يندمون على تبني مثل هذه الأفكار الجهنمية، ويأسفون على سوء ما اختاروا من طريق، فالعراقيون اليوم ليسوا قبل عشرين عاماً، وزمن الفتنة الطائفية ولى وقبر إلى الأبد .. ولن يستطيع هؤلاء أبداً الفوز بكراسي البرلمان على حساب وحدتنا، فنحن لن نسمح لهم بالصعود على أكتافنا وأكتاف أبنائنا وأحفادنا ومستقبل أجيالنا.. إن قرار معاقبة هؤلاء الطائفيين بأيديكم الكريمة أيها الناخبون .. فعاقبوهم بعدم التصويت لهم، واجلدوهم برفضكم لهم ولوسيلتهم الجهنمية. وصوتوا للوطني، وللمناضل، وللمجاهد، وللنزيه والعفيف وذي اليد البيضاء.. وصوتوا أيضاً لرجل الدولة المجرب الذي أثبت جدارته وقدرته على إدارة الدولة وإعمار البلاد، إن رأيتموه أهلاً لأصواتكم الشريفة.. وصوتوا للمرشح العراقي الحر الذي لن يتبع لدولة، ولم يبصم على ميثاق عهد أو وعد يذل العراق ويستعبد العراقيين .. وأخيراً انطي صوتك للشمس والشمس حمره .. وانطي صوتك للمطر والگاع خضره.. وانتخب كل شي جميل .. طيب وحر وأصيل.. حتى بغدادك تظل الدوم حرة .. وطز بالطائفية والطائفيين!
*
اضافة التعليق
من عاصمة الرأسمالية .. ( الشيوعي) زهران ممداني يقود قطار الثورة والتغيير
قبل الصمت الإنتخابي بدقيقتين: إعطِ صوتك لمن يستحقه حتى لو كنت الوحيد الذي يصوّت له !
ويگلك الحزب الشيوعي العراقي ليش ما يفوز ؟!
شكراً دولة الرئيس .. شكراً لكل الأصدقاء ..
جريدة ( الحقيقة ) منين لها فلوس ؟!
العلوية و ( الشوعية ) وحملة رائد فهمي الإنتخابية ..!