الجوع وأثره على الجسم.. رحلة الحرمان من الغذاء

بغداد- العراق اليوم:

يواجه آلاف الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، خاصة في مناطق الصراع مثل غزة والسودان، أزمة حادة في الأمن الغذائي، تؤدي إلى سوء تغذية خطير يهدد حياتهم بشكل مباشر.

فمع ندرة الغذاء، يبدأ الجسم في استهلاك احتياطاته تدريجيا، ما يقود في النهاية إلى فشل الأعضاء الحيوية والموت إذا استمر الحرمان.

ويبدأ الجسم في مواجهة الجوع بانخفاض مستويات الطاقة، ثم يتجه إلى تفكيك الدهون، وبعدها العضلات لتوفير الطاقة الضرورية. وفي المراحل المتقدمة، يبدأ الجسم في تكسير البروتينات من العضلات، ما يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، ومنها الالتهاب الرئوي، الذي يعد سببا رئيسيا للوفاة في حالات الجوع المزمن.

وتوضح خبيرة التغذية علا عنبتاوي وزميلتها بيرتا فالنتي أن البالغين يحتاجون إلى كميات مختلفة من الطاقة تعتمد على العمر والجنس ومستوى النشاط البدني، وتُقدر الحاجة الأساسية في حالات الطوارئ بـ2100 سعرة حرارية يوميا للحفاظ على الصحة الأساسية والوظائف الحيوية. وينبغي أن تأتي هذه الطاقة من توازن العناصر الغذائية الكبرى؛ حيث توفر الكربوهيدرات 50-60%، والبروتينات 10-35%، والدهون 20-35%. كما يحتاج الجسم إلى فيتامينات ومعادن أساسية مثل الحديد وفيتامين A واليود والزنك لدعم المناعة والنمو والتطور العقلي.

وتمر آثار الحرمان من الطعام بثلاث مراحل فسيولوجية متداخلة:

- المرحلة الأولى (حتى 48 ساعة): يستهلك الجسم الجليكوجين المخزن في الكبد للحفاظ على مستوى السكر في الدم.

- المرحلة الثانية: يبدأ الجسم في تصنيع الغلوكوز من مصادر غير كربوهيدراتية مثل الأحماض الأمينية من العضلات والغلسرين من الدهون، ما يسبب فقدانا في الكتلة العضلية.

- المرحلة الثالثة (بعد عدة أيام): يعتمد الجسم على أجسام كيتونية تنتجها الكبد من الأحماض الدهنية كمصدر بديل للطاقة، ما يحافظ على العضلات مؤقتا لكنه يدل على أزمة أيضية خطيرة.

ومع استمرار الجوع، يبطئ الجسم معدل الأيض ويعتمد بشكل أكبر على الدهون كمصدر للطاقة. وعندما تُستنفد الدهون، يبدأ في تكسير العضلات بشكل مكثف، ما يؤدي إلى مضاعفات صحية مميتة.

إضافة إلى الآثار الجسدية، يسبب الجوع أعراضا نفسية حادة، تشمل القلق والتهيج والانشغال المستمر بالطعام والاكتئاب. وعند الأطفال، يؤدي سوء التغذية طويل الأمد إلى توقف النمو وتلف الدماغ بشكل قد يكون دائما.

وتشير عنبتاوي وفالنتي إلى أهمية الحذر عند إعادة إدخال الطعام بعد فترة من الجوع، إذ قد يحدث ما يعرف بمتلازمة إعادة التغذية، التي تنتج عن تغييرات مفاجئة في مستويات الأنسولين والمعادن، وقد تؤدي لمضاعفات خطيرة مثل قصور القلب وضيق التنفس. لذلك تُستخدم بروتوكولات علاجية خاصة مثل الحليب العلاجي F-75، والطعام العلاجي الجاهز للاستخدام، إضافة إلى أملاح الإماهة والمساحيق المغذية الدقيقة، لضمان استعادة الصحة بشكل تدريجي وآمن.

علق هنا