إقالة "باطلة" أم صفقة سياسية؟ كواليس محاولة إقالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي تثير العاصفة

بغداد- العراق اليوم:

في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، صوت عدد من أعضاء مجلس محافظة بغداد، في جلسة وصفت بـ"السرية وغير الرسمية"، على إقالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي وتعيين بديل عنه، ما أثار موجة اعتراضات واسعة داخل الأوساط السياسية والقانونية، وسط حديث عن "صفقة سياسية" معقدة جرت خلف الكواليس لإقصائه.

رئيس المجلس ونائبه غائبان.. والقرار "باطل"

رئيس مجلس محافظة بغداد الأسبق، كامل الزيدي، أكد أن القرار "غير سليم وغير قانوني بالجملة"، موضحاً أنه "اتُّخذ في جلسة غير رسمية وبغياب رئيس المجلس ونائبه، وهو ما يُفقده كامل الشرعية".

وأضاف الزيدي في تصريح ، أن "إعفاء أو إقالة المحافظ ينبغي أن يتم بجلسة علنية، تطرح فيها الأسباب الواضحة والمبررات القانونية، لا أن تُمرر بهذه الطريقة الكيفية أو بناءً على رغبات جهات معينة".

محافظ بغداد يرد: الجلسة غير قانونية

وفي بيان رسمي شديد اللهجة، قال محافظ بغداد عبد المطلب العلوي إن الجلسة التي عقدها بعض أعضاء مجلس المحافظة "غير قانونية وغير شرعية"، مؤكداً أن ما جرى "افتقد للإجراءات الأصولية المنصوص عليها في القوانين النافذة".

وأشار العلوي إلى أن "غياب رئيس المجلس ونائبه يفقد الجلسة مشروعيتها القانونية، ويجعل ما صدر عنها من قرارات باطلة ولا يترتب عليها أي أثر قانوني أو إجرائي".

وختم العلوي بيانه بالتأكيد على استمراره في أداء مهامه، داعياً الجميع إلى "الالتزام بالدستور واحترام السياقات القانونية في إدارة الحكومة المحلية"، ومشدداً على ضرورة النأي بالمؤسسات عن "الإجراءات التي تضر بالمصلحة العامة".

ووسط هذا المشهد الملتبس، كشفت مصادر مطلعة أن ائتلاف دولة القانون قرر طرد عضو مجلس المحافظة حيدر موحان الفياض من صفوفه، وذلك "لعدم التزامه بالنظام الداخلي للائتلاف"، في إشارة ضمنية إلى تورطه في جلسة الإقالة.

وفي أول تعليق رسمي من داخل الائتلاف، قال الدكتور صلاح بوشي، عضو ائتلاف دولة القانون، إن "ما حصل مرفوض تماماً، ونؤكد أن أي قرار بإقالة المحافظ يجب أن يتم بالتنسيق مع القيادة السياسية للائتلاف"، مشيراً إلى أن منصب المحافظ هو "استحقاق سياسي لا يجوز تجاوزه بقرارات فردية وارتجالية".

بدوره، أصدر ائتلاف دولة القانون بياناً رسمياً شديد اللهجة جاء فيه:  "نعبّر عن رفضنا المطلق لأي تحرك لتغيير المحافظ بدون تبني هذا الأمر رسمياً من قبل قيادة الائتلاف، ونعتبر ما حدث خرقاً صريحاً للتفاهمات السياسية. لا يحق لأي شخص التصرف أو التحدث باسم الائتلاف دون العودة إلى قيادته".

رئيس مجلس محافظة بغداد: قرارات الجلسة "باطلة"

وفي بيان صحفي مقتضب، أعلن رئيس مجلس محافظة بغداد، عمار الحمداني، رفضه الكامل لما وصفه بـ"التمرد على الأطر القانونية"، قائلاً: "ما حصل اليوم في جلسة خالية من أقطاب رئاسة المجلس يُعد باطلاً، ولا يمكن اعتماد قراراتها بأي شكل من الأشكال".

وأضاف الحمداني، "نؤكد أن أي جلسة تخلو من وجود رئاسة المجلس تعتبر بلا قيمة قانونية، ونرفض أي مسارات لا تعتمد السياقات الأصولية والتوافق السياسي الذي يؤسس لشراكة حقيقية".

الى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة جداً، تفاصيل ما وصفته بـ"صفقة سياسية معقدة" أدت إلى إقالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي، واصفة ما جرى بأنه "انقلاب ناعم" جرى بعيداً عن الأطر الشرعية.

ووفقاً للمصادر، فإن كتلة دولة القانون في مجلس المحافظة، والتي تضم 8 مقاعد، تشهد انقساماً حاداً، حيث إن 6 من أعضائها مرتبطون بحركة البشائر التي يقودها ياسر صخيل، صهر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وتقول المصادر إن صخيل هو من قاد الصفقة من خلف الكواليس لإقالة العلوي، رغم أن الأخير يُعد من الكوادر المحسوبة على حزب الدعوة الإسلامية، الجناح الأقوى داخل ائتلاف دولة القانون.

المصادر أوضحت أن الجلسة جرت بسرية تامة، ودون إعلان رسمي، وفي غياب غالبية الأعضاء، وفي مقدمتهم رئيس المجلس عمار الحمداني، الذي رفض لاحقاً شرعيتها.

كما كشفت المصادر أن الخطوة لم تعرض على قيادة دولة القانون ولا على زعيمه نوري المالكي، ولم يتم التنسيق فيها مع أي من قادة الإطار التنسيقي، ما يجعلها تصرفاً "فردياً وخارج السياقات".

وأشارت إلى أن دوافع شخصية وسياسية كانت وراء هذه الخطوة، أبرزها سعي ياسر صخيل إلى السيطرة على ملفات استثمارية ضخمة داخل المحافظة، من خلال الدفع بشخصية موالية له بدلاً عن العلوي، الذي أبدى في الأشهر الماضية رفضاً قاطعاً للضغوط السياسية.

ووفقاً لمصادر داخل المجلس، فإن الجلسة تم ترتيبها من قبل أعضاء قلائل يدينون بالولاء لصخيل، ما سهل تمريرها رغم افتقادها لأي غطاء مؤسساتي أو قانوني.

حيدر موحان عضو مجلس محافظة بغداد

علق هنا