بغداد- العراق اليوم: أكد الدكتور مرتضى عذاب، مسؤول البرامج في هيئة الطاقة الذرية العراقية، أن البلاد جزء من شبكة إقليمية ودولية لرصد الإشعاعات والتعامل مع أي طارئ نووي، لا سيما في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، محذراً من أن أي استهداف مباشر للمفاعلات النووية الإيرانية، ولا سيما مفاعل بوشهر، قد يؤدي إلى تداعيات بيئية وصحية خطيرة قد تصل الأراضي العراقية.
وفي حديث صحفي، أوضح الدكتور عذاب أن "شبكة الإنذار المبكر في العراق هي ثمرة تعاون طويل الأمد مع المجتمع الدولي والعربي"، مشيرًا إلى أن الشبكة ترتبط بأنظمة رصد إشعاعي مماثلة في عدد من الدول عبر ما يعرف بـ"شبكة النور"، وهي منظومة متكاملة من أجهزة الاستشعار موزعة في المنافذ الحدودية والمواقع الحساسة، وترسل بياناتها بشكل لحظي إلى مركز السيطرة في هيئة الوقاية من الإشعاع. استعرض الدكتور عذاب خريطة تضم المفاعلات الإيرانية الأربعة الأساسية، وهي:نطنز وفوردو (مفاعلان مخصصان لتخصيب اليورانيوم)، آراك (مفاعل بحثي بطاقة 40 ميغاواط)، بوشهر (مفاعل لإنتاج الطاقة بقدرة 1000 ميغاواط). وأشار إلى أن المواقع التي استُهدفت حتى الآن هي نطنز وفوردو، موضحا أن الضربات استهدفت البنى التحتية الداعمة لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في نطنز، مما تسبب بتعطيل مئات، بل آلاف، من هذه الأجهزة حسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبحسب عذاب، فإن موقع نطنز محصن تحت الأرض على عمق 40 مترا، ويحيط به جدار كونكريتي وطبقة ترابية سميكة تصل إلى 20 مترا، بينما يقع فوردو في عمق مئات الأمتار داخل الجبال، مما يجعله أكثر حصانة ضد الاستهداف المباشر.
ركّز الخبير النووي على أن مفاعل بوشهر يُعدّ الأخطر من ناحية التأثير المحتمل على العراق، خاصة لقربه من الحدود العراقية-الإيرانية، موضحاً أن استهداف قلب المفاعل أو منظومة التبريد أثناء عمله قد يؤدي إلى انصهار سبيكة الوقود النووي، وانفجار غير نووي يؤدي إلى انبعاث نواتج انشطارية خطيرة.
وأوضح قائلاً "إذا كانت الرياح السائدة باتجاه العراق، فستنتقل المواد المشعة في غضون ساعات، ما قد يفرض على بغداد إعلان حالة طوارئ ومنع المواطنين من مغادرة منازلهم، لحين زوال آثار التلوث، والتي قد تستمر لأيام حسب نوع النظائر المنتشرة".
وأضاف أن بعض النظائر النووية قصيرة العمر تنتهي خلال دقائق، بينما يستمر تأثير نظائر أخرى لأيام، وأخطرها تلك التي تبقى فاعلة لأسابيع أو أشهر، مما يعني أن الإجراءات الاحترازية قد تمتد لفترات غير قصيرة، وتؤثر على الحياة العامة والاقتصاد. وبالنسبة إلى مفاعل آراك، أوضح الدكتور عذاب أن موقعه الجغرافي يقلل من المخاطر على العراق، إذ إن أقرب نقطة عراقية له هي محافظة ميسان، وأي تلوث إشعاعي ناتج عن استهدافه سيكون أقل تأثيراً على البيئة العراقية مقارنة ببوشهر.
استشهد الدكتور عذاب بكارثة تشرنوبل في الاتحاد السوفيتي السابق كمثال على ما قد يحدث إذا خرج الوضع عن السيطرة، قائلاً "العصف الذي رافق تشرنوبل غيّر الطبيعة والتربة والبيئة في مناطق شاسعة. ظهرت عناصر لم تكن موجودة في التربة، واستمرت آثارها لعقود. إذا تكرر السيناريو في بوشهر، فسنواجه تحديات طويلة الأمد، خصوصاً على البيئة البحرية في الخليج".
أما بالنسبة إلى مناجم اليورانيوم في إيران، فبيّن الدكتور عذاب أنها تحتوي على مواد مشعة خام، وإذا ما تعرضت لهجوم فلن تكون لها تداعيات إشعاعية واسعة خارج الحدود الإيرانية، مؤكداً أن الخطر الحقيقي يأتي من استهداف المفاعلات المشغلة.
*
اضافة التعليق