بغداد- العراق اليوم:
في مشهد حكومي كثيراً ما يشوبه التردد والتأجيل، برز وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة، المهندس بنكين ريكاني، كأحد أبرز الوجوه الوزارية ديناميكية وإخلاصاً في العمل. فقد أثبت منذ توليه منصبه أنه ليس مجرد مسؤول يتحدث بلغة الشعارات، بل هو مهندس ميداني وإداري محنك يمتلك اندفاعاً شبابياً وحساً مهنياً عالياً، جعله في طليعة المتصدين لأعقد أزمات العاصمة بغداد"الأزمة المرورية الخانقة". هذه الأزمة، التي لم تعد مجرّد حالة مرورية مؤقتة، بل تحولت إلى معضلة يومية عطّلت الحياة في العاصمة وشلّت حركتها، تقف عائقاً أمام أية محاولة للتنمية أو التخطيط الحضري. إذ أن شوارع بغداد لم تعد تتسع لتوسعها السكاني والعمراني، حتى أن جميع الحكومات المتعاقبة فشلت في وضع حلول حقيقية توازي حجم الكارثة، مما جعل العاصمة مختنقة يومياً، وأي تنقل داخلها يبدو وكأنه معركة مع الزمن والازدحام.
غير أن الوزير ريگاني لم يتعامل مع هذه المشكلة بوصفها إرثاً ثقيلاً اعجز الحكومات السابقة، بل واجهها بجرأة نادرة، مستنداً إلى خلفيته الهندسية الصلبة، ووعيه المدرك بأن لا تنمية دون بنية تحتية ذكية وحديثة.
ومنذ الساعات الأولى لتسلمه المسؤولية، شمّر عن ساعديه وانطلق نحو تنفيذ مشاريع فك الاختناقات المرورية، وهي مشاريع لطالما سمع العراقيون عنها في نشرات الأخبار والخطط الوزارية، لكنها بقيت حبراً على ورق.
واليوم، حيث تتحول تلك المشاريع إلى واقع ملموس، يلمسه المواطن في طرق بديلة، وجسور قيد الإنجاز، ومجسرات أنجزت وبدأت تخفف الضغط عن العقد المرورية.
ونحن هنا لن نطبل للوزير بنكين ولن نعطيه أكثر مما يستحق، بل علينا اولاً أن نعترف أن الأزمة المرورية مازالت خانقة في بغداد، لكن الحق يجبرنا على القول إن الرجل يعمل بطاقة مضاعفة مرات ومرات، وإنه تصدى لها ببسالة بل ونجح بتحويل ذلك الشعار الباهت إلى برنامج عملي متكامل، يساهم بشكل كبير في معالجة أجزاء واسعة من المشكلة، في وقت لا تزال فيه جهات أخرى تتحدث عن الأزمة دون حلول حقيقية.
ما يميز أداء ريگاني، بحسب المراقبين، هو مزجه بين فكر التخطيط الحضري، والرؤية الإدارية القادرة على فرض إيقاع التنفيذ، إلى جانب حضوره الميداني الدائم ومتابعته الشخصية للتفاصيل، وهذا ما خلق فارقاً واضحاً بينه وبين من سبقه في إدارة هذا الملف. وعلى الرغم من أن الطريق ما زال طويلاً أمامه للقضاء على هذه الأزمة، فإن المتابعين يرون أن ما تحقق خلال فترة عمل الوزير بنكين ريگاني يمثل خطوة نوعية غير مسبوقة. فهو لا يعد فقط بحلول، بل يشرع في تنفيذها، ما أكسبه احتراماً واسعاً بين المواطنين والنخب الهندسية والمهندسين الشباب الذين وجدوا في تجربته مثالاً يحتذى به.
وفي الوقت الذي تستمر فيه المشاريع الاستراتيجية تحت إشرافه المباشر، يُنتظر أن تشهد بغداد في المرحلة القادمة انتقالاً نوعياً في شبكات النقل الحضري، قد تشكل بداية لتغيير شامل في فلسفة التخطيط والبناء في العاصمة، إذا ما أتيحت لهذا الرجل فرصة الاستمرار والدعم الكافي من الجهات المعنية.
إن ما يقوم به الوزير بنكين ومساعدوه لاسيما مدير عام الطرق والجسور حسين جاسم الموسوي وآخرون، ليس مجرد حل أزمة مرورية فحسب، بل هو مشروع نهضوي هندسي يعيد تنظيم الحياة في مدينة منهكة، ويمنحها أملاً في مستقبل أكثر تنظيماً وسلاسة.
*
اضافة التعليق