(العراق اليوم) يلقي الضوء على انسحاب الصدر.. ما نتائج زلزال الخميس على مستقبل العراق، ومستقبل الكاظمي ؟!

بغداد- العراق اليوم:

بعد أن كان ُيلمح الى إمكانية حصوله على أكبر عدد من المقاعد النيابية، وفيما كان يتحضر أعضاء (الكتلة الصدرية)المسمى الجديد، للائحته الانتخابية المؤلفة من الصدريين (الأقحاح) كما أسماهم هو، لخوض انتخابات سهلة قياساً بطبيعة قانونها الانتخابي،  ها هو الصدر، الزعيم الشيعي الشاب، وأكثر المؤثرين في الساحة السياسية بعد 2003، يعود لُيحرق كل مراكبه مع الانتخابات، ويترجل من صهوتها التي امتطاها، وينزاح بعيداً عن اشتباكها المثير، وينسحب في لحظة حرجة ومفصلية تاركًا الحبل على الغارب، مفضلاً أن لا يواجه نقمة الناس، وغضب الانتكاسة التي مُنيت بها حركة تشرين الاحتجاجية، التي رفعت سقف توقعاتها، لكنها اصطدمت بحائط صلد من واقع متكلس لا يمكن اختراقه.

الصدر الذي بنى له ولتياره أسمًاً لا يمكن تصور المشهد السياسي بدونه، بدءاً من 2005 على الأقل، يريد الآن أن ينفض " عباءته" من كل أدران السياسية، ويخلي مواقعه التي أحكم سيطرته وأتباعه عليها، لاسيما في حكومات العبادي وعبد المهدي والكاظمي ايضاً، بفعل الأستحقاق الأنتخابي والشعبي المؤثر، ويريد أن يُلقي بأحمال ارتكابات السياسة، وأدران البيروقراطية، وحمولة الفساد التي يقول الشركاء أن " الكل مشترك فيها، كلاً حسب قوته وحضوره السياسي وتمثيله في مكونات السلطة ( التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى).

اليوم، يريد الصدر أن يحرق تلك المراكب التي انطلقت من حنانة النجف، الى عمق الخضراء، والتي حملت اتباعه، وحداناً وجماعات الى السلطة، ويريد أن "يطلقها بالثلاث"  قاطعاً شعرة " معاوية" بينه وبين العمل السياسي، في أعتزال متكرر، ومغادرة كانت متوقعة منذ أمد، لكن الصدر قلب الطاولة على الجميع.

كيف سيمضي شركاء الصدر في انتخابات مبكرة، بدونه، كيف سيتصور شكل الحكم القادم في بغداد، بغياب فاعل سياسي، قد يتحول غيابه الى حراك مستمر في الشارع، أو سلاح في الأزقة والحارات، فبديل العمل السياسي هو الاحتراب لا غير.

أن البديل الذي اختاره الصدر لا شك غامضاً، وأذا كنا نُحسن الظن بغالبية اتباع الرجل في تنفيذ ما يصدر عنه، فأننا لا يمكن أن نتوقع أن أنسحاب الصدر السياسي سيكون هينًا وسلساً ينفذه كل الأتباع، خصوصاً المنضمين بعمق في شكل المشهد السياسي والاداري والعسكري وغيرها من تشكيلات الدولة.

ان تغيب الصدر بهذه الكثافة عن المشهد الانتخابي سيفقده جزءً هائلاً من مشروعيته الداخلية، ومشروعيته الخارجية

نعي تماماً أن الصدر وقع في مناخ الانتقادات الحادة، وقد يكون وقع تحت تأثير الضغط الحكومي على ملفات يتهم هو واتباعه بالسيطرة عليها، لاسيما في ملفي الصحة والكهرباء على سبيل المثال، وقد نجح (الأخوة الأعداء) في توجيه الصخب والسخط والغضب الشعبي نحو بوصلة التيار، بل ونحو سياسة الكاظمي ايضاً بكل ايجابياتها، وسلبياتها التي لا تشكل مساحة مهمة تذكر. لكن هذا لا يمكن أن يكون مبرراً لخطوة قد تفتح أبواب جنهم على العراق، الذي لا يكاد يلتقط انفاسه من زلزال، حتى يفاجأ بتسونامي أخر كهذا الذي ضرب الخارطة السياسية العراقية صباح اليوم الخميس. وللحديث صلة..

علق هنا