وداعاً ابا وهب : وحدك رحلت!!

بغداد- العراق اليوم:

جمال العتابي 

لم تمشِ خلفك اليوم

إلا خطاكَ،

وأهلكَ القلّة،

وترابٌ يعرف اسمك أكثر

مما عرفته عنك الحكومات والسلطات والإدارات والأحزاب والكيانات .

خرجتَ وحدك

كما عشتَ طويلاً:

كاتباً بلا ضجيج،

مفكّراً بلا حاشية،

ومقاوماً بلا موكب رسمي.

لا موسيقى حزينة

تستعير الدموع،

ولا صناجات عسكر

تزوّر الحزن،

ولا شوارع قُطعت

ليُفتح طريق المجد الزائف.

شيّعتك المعرفة

صامتةً،

والأسطورة التي أفنيتَ عمرك

تفكّ طلاسمها،

وتنظر بدهشة:

كيف يُترك حارسها

وحيداً؟

يا أبا وهب،

أنت الذي قرأتَ حضارات الإنسان

لتنقذ الإنسان من العتمة،

قاومتَ الجهل

لا بالسلاح

بل بالمعنى،

وقفتَ ضد الديكتاتورية

لا بالصراخ

بل بالمعرفة الصلبة.

كنت تتلاوى مع الحصار  ومع الحروب 

كما تلوي الكلمات

حين تُحاصرها الرقابة،

واحتميتَ بالفكر

حين كان الخوف

لغة الدكتاتورية.

مؤلمٌ رحيلك

لا لأنك متَّ،

بل لأن هذا الواقع

ما زال حيّاً

يُهمل من صنعوا

كرامة الثقافة،

ويكافئ من أتقنوا

فن الفساد والقمع والارهاب .

أيّها الوطن

الذي لا يعرف

كيف يودّع أبناءه النبلاء:

هذا واحدٌ

مرَّ من هنا

نظيف اليدين،

شريف الذاكرة،

ثقيل القيمة،

خفيف الجنازة.

سلاماً عليك

يا صديق العزلة المضيئة،

سلاماً على اسمك

الذي لم يكن بحاجة إلى  موكب يسير فيه المزورون المنتفخون ذوو الكروش، المدّعون، الطارئون.

ليكون كبيراً،

وسلاماً على احتجاجك الأخير:

أن تُدفن بكرامة

في زمنٍ

يفتقر إلى الكرامة

            ناجح المعموري