السوداني يرفض اطلاق اسمه على اكبر مكتبة رقمية في الوطن العربي

بغداد- العراق اليوم:

في موقف لافت يعكس مستوى عالياً من النضج الاخلاقي والنكران الصريح للذات، رفض رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مراحل تشييد اكبر مكتبة رقمية في الوطن العربي، ان يطلق أسمه على هذا المشروع الثقافي الكبير الذي تنفذه وزارة الثقافة والاثار والسياحة بدعم حكومي مباشر

واكد هذا الموقف وزير الثقافة والسياحة والاثار احمد فكاك البدراني خلال حفل افتتاح المكتبة الرقمية الأولى من نوعها، حيث كشف ان الفكرة الأولية كانت تتضمن نقش إسم رئيس الوزراء على حجر الأساس في بوابة المكتبة الرقمية بوصفه الداعم الاول للمشروع.

واضاف الوزير ان رئيس الوزراء رفض ذلك بشكل قاطع وطلب بدلاً من ذلك ان يكتب اسم احد علماء العراق تخليداً له ولاسهامه العلمي والفكري، مؤكداً ان المشاريع الوطنية يجب ان تبقى مرتبطة بالقيم والمعرفة لا بالأشخاص مهما كانت مواقعهم.

ويعكس هذا الرفض الصريح لإطلاق الإسم تربية عالية وبنية اخلاقية واضحة في شخصية رئيس الوزراء الذي نشا على مبادئ ترى في المنصب وسيلة للخدمة لا غاية للتمجيد الشخصي، وهو ما يظهر انسجاماً نادراً بين القول والفعل في التجربة السياسية المعاصرة.

فالرجل الذي امضى سنوات طويلة في خدمة الوظيفة العمومية، والمجتمع لم يقبل ان يقترن اسمه بأي مشروع نفذ في عهده، رغم الدعم المباشر والمتابعة المستمرة التي وفرها لانجاحه وهو موقف يعيد الى الذاكرة نماذج قيادية راسخة في الوعي الوطني.

ويذكر هذا السلوك بما عرف عن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم رحمه الله الذي لم يضع أسمه على اي مشروع خلال فترة حكمه رغم ما شهدته البلاد حينها من نهضة عمرانية وتنموية واسعة، وهو ما جعل أسمه خالداً في ذاكرة العراقيين من خلال افعاله لا من خلال اللوحات واللافتات.

انها اخلاق الحاكم الذي ينشده العراقيون، قيادة تعمل بصمت وتترك اثرها في حياة الناس، لا على جدران المشاريع، وهي ذات القيم التي تجعل من الاستمرار في هذا النهج مطلباً شعبياً، يعبر عن تطلع عام لدولة تبنى بالفعل لا بالشعارات وتدار بروح الخدمة لا بروح الاستعراض.

رابط الفيديو:

https://www.youtube.com/shorts/tT3m8lEYk54