بين من يريد التعطيل ومن يستعجل التشكيل.. رهانات المالكي الخاسرة، ونقاط قوة السوداني !!

 راي العراق اليوم:

يبدو المشهد السياسي في بغداد اليوم أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، مع انحسار خيارات المناورة أمام رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي لم يعد يمتلك سوى ورقة واحدة يلوح بها، هي التعطيل وتأخير حسم معركة رئاسة الوزراء، بعد أن تيقن أن أغلب المؤشرات الداخلية والخارجية تصب باتجاه منافسه محمد شياع السوداني.

المعادلة البرلمانية وحدها تكشف حجم الفارق بين الطرفين. فالسوداني يتقدم بكتلة نيابية وازنة قوامها 51 مقعداً، تمنحه ثقلاً تفاوضياً وحضوراً مؤثراً داخل الإطار التنسيقي وخارجه، في حين لا يمتلك المالكي سوى عدد محدود من النواب لا يتجاوز الثمانية، ما يجعل قدرته على فرض الشروط أو قلب الطاولة شبه معدومة.

داخل البيت الشيعي، تبدو الصورة أكثر حسماً. 

فالسوداني يحظى بقبول واسع وتوافق شبه تام بين قوى الإطار التنسيقي، التي ترى فيه خياراً قادراً على إدارة المرحلة وتهدئة الصراعات.

 في المقابل، يواجه المالكي تحفظاً واضحاً ورفضاً متنامياً من قوى فاعلة داخل الإطار نفسه، في دلالة على تراجع الرهان عليه حتى من أقرب حلفائه السابقين.

أما التيار الصدري، فرغم انسحابه المعلن من العملية السياسية، إلا أن المؤشرات توحي بقبول غير معلن بالسوداني، مقابل رفض شديد وغاضب للمالكي، يستند إلى إرث طويل من الخلافات والتجارب المريرة بين الطرفين.

على المستوى السني، يحظى محمد شياع السوداني بقبول واضح وصريح من القوى السنية، التي ترى فيه فرصة لتجاوز سنوات التوتر وبناء شراكة أكثر توازناً. 

في المقابل، لا يزال الرفض السني للمالكي قائماً، ومتّكئاً على ذاكرة سياسية مثقلة بسنوات وصفت بالأصعب والأكثر سخونة في تاريخ البلاد الحديث.

أما الموقف الكردي فهو لا يخرج عن هذا السياق. 

فالقوى الكردية أبدت قبولاً بالسوداني وتعاطياً إيجابياً مع مشروعه السياسي، مقابل رفض واضح لعودة المالكي إلى واجهة السلطة، على خلفية ملفات عالقة وتجارب سابقة لم تطوَ صفحاتها بعد.

وعلى الصعيد الشعبي، تبدو الكفة راجحة أيضاً. 

فالسوداني يحظى بقبول شعبي ملحوظ، تغذيه آمال التغيير وتحسين الأداء التنفيذي، بينما يواجه المالكي رفضاً شعبياً واسعاً، مرتبطاً بذكريات ثقيلة مثل سقوط الموصل، وأحداث الأنبار، ومجزرة سبايكر، التي ما زالت حاضرة في الوعي الجمعي للعراقيين.

إقليمياً، تشير المعطيات إلى قبول عربي وخليجي واضح بتجربة السوداني، مقابل رفض كبير من دول الخليج والعالم العربي للمالكي، الذي يُنظر إليه كعنوان لمرحلة توتر وعدم استقرار في العلاقات الإقليمية. 

إيران من جهتها تبدي رضاً عن أداء السوداني حتى الآن، في حين يلف الغموض موقفها من المالكي، دون حماسة واضحة لدعمه أو الدفع به مجدداً.

تركيا بدورها تبدي استعداداً للتفاهم والتعاون مع السوداني، في مقابل رفض تركي صريح لعودة المالكي.

 أما أوروبياً، فهناك قبول بأداء السوداني ورغبة في التعامل معه كشريك، مقابل تحفظ ورفض للمالكي.

 الولايات المتحدة كذلك تبدي تفاؤلاً كبيراً بتجربة محمد شياع السوداني، في مقابل موقف رافض لعودة المالكي إلى سدة الحكم.

مجمل هذه المواقف، الداخلية والخارجية، ترسم ملامح المشهد السياسي في بغداد اليوم بوضوح.

 فبين من يسعى إلى التعطيل وكسب الوقت، ومن يتجه إلى التشكيل وحسم الاستحقاق، تبدو رهانات المالكي خاسرة، في وقت تتفق فيه الإرادات السياسية على اسم واحد، بات يُنظر إليه كخيار المرحلة المقبلة، لا بوصفه مرشح تسوية فحسب، بل كعنوان لاتجاه سياسي جديد تحاول بغداد أن تشق به طريقها وسط التعقيدات والتحديات.