لغز زمني على المريخ تحله نظرية أينشتاين!

بغداد- العراق اليوم:

تمر الساعات على كوكب المريخ بوتيرة أسرع قليلا منها على الأرض، وذلك وفقا لقوانين الفيزياء التي وضعها ألبرت أينشتاين. 

فبفعل تأثير نظرية النسبية العامة، يتبين أن اليوم الواحد على الكوكب الأحمر يقصر بمقدار 477 جزءا من المليون من الثانية (0.000477 ثانية) يوميا على كوكب المريخ، مقارنة بيومنا على الأرض. 

وهذا الاختلاف وإن بدا ضئيلا للغاية، إلا أن له تأثيرات عملية مهمة على مستقبل الاستكشاف الفضائي.

ويعود هذا الفارق الزمني أساسا إلى عاملين: الأول هو ضعف الجاذبية على سطح المريخ مقارنة بالأرض، إذ تبلغ قوتها نحو خمس جاذبية كوكبنا. والعامل الثاني يتمثل في شكل مدار المريخ الإهليليجي حول الشمس، وسرعته المتغيرة تبعا لبعده أو قربه منها. 

وهذه العوامل مجتمعة تجعل الوقت يتقدم بسرعة أكبر على المريخ عند مراقبته من الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الاختلاف ليس ثابتا تماما، بل يتغير بشكل طفيف بحسب المواقع النسبية للأرض والمريخ في مداريهما. فقد يزيد الفارق أو ينقص بمقدار يصل إلى 0.000226 ثانية، إلا أن المتوسط يبقى عند ذلك الرقم الدقيق الذي توصل إليه العلماء.

ولهذا الاكتشاف أهمية عملية كبيرة للمستقبل، خاصة فيما يتعلق بأنظمة الملاحة الدقيقة التي ستستخدم على سطح المريخ، وشبكات الاتصال بين الكوكبين، والمهمات المأهولة المستقبلية. فالتقنيات الحديثة مثل أنظمة تحديد المواقع العالمية وشبكات الجيل الخامس للاتصالات تتطلب تزامنا دقيقا جدا، وقد يتأثر أداؤها بفروق زمنية أقل من تلك المكتشفة بين الأرض والمريخ.

وقام بهذا الحساب فريق بحثي من المعهد الوطني للمعايير والتقنية (NIST) في الولايات المتحدة، حيث أخذوا في الاعتبار قياسات دقيقة لمدار المريخ، وقوة جاذبيته، وتأثيرات الجاذبية الصادرة عن الشمس والقمر والأرض. 

وتعد هذه الدراسة امتدادا لأبحاث سابقة أجراها الفريق نفسه لحساب الفارق الزمني بين الأرض والقمر، والذي تبين أنه يبلغ 0.000056 ثانية.

ومن المهم التأكيد أن رواد الفضاء المستقبليين على سطح المريخ لن يلاحظوا هذا الفارق الزمني في تجربتهم اليومية، فالثانية تبقى ثانية من منظورهم الشخصي. لكن عند مقارنة ساعات المريخ مع ساعات الأرض، سيظهر هذا الاختلاف الدقيق جليا. وهنا تكمن الحاجة إلى فهم هذا الفارق ومراعاته في التنسيق بين العمليات على الكوكبين.

وتظهر هذه الدراسة كيف أن الفهم العميق للقوانين الفيزيائية الأساسية، مثل نظريات أينشتاين، أصبح جزءا لا يتجزأ من التخطيط لاستكشاف الفضاء. فما بدا في الماضي مجرد مفاهيم نظرية بحتة، صار اليوم أساسا لتطوير التقنيات التي ستمكن البشرية من توسيع وجودها في النظام الشمسي.