بغداد- العراق اليوم: كشف رئيس مؤسسة عراق المستقبل، منار العبيدي، وجود تضخيم في الفواتير الخاصة باستيراد السلع إلى السوق العراقي من دول مثل الصين وتركيا والإمارات، ما يؤدي إلى استنزاف الدولار من خلال استغلال فرق سعر الصرف الرسمي مقابل السوق الموازي، مشدداً على الحاجة لإصلاح آلية التحويل والاستيراد. وقال العبيدي في بيان، إن "عند مراجعة بيانات صادرات عدد من الدول إلى العراق، مثل الصين وتركيا والإمارات، يتضح وجود خلل واضح في قيم بعض السلع المصدّرة، إذ لا تتناسب هذه القيم مع الأسعار الحقيقية، كما أن الكميات المصدّرة غالباً ما تتجاوز بكثير احتياجات السوق العراقي الفعلية". وتابع: "على سبيل المثال، بلغت قيمة استيراد العراق من الأحذية الصينية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي نحو 170 مليون دولار، في حين بلغت واردات الملابس ما يقارب 600 مليون دولار خلال نفس الفترة"، مبيناً أن "هذه الأرقام لا تعكس حجم الطلب الحقيقي في العراق ولا الأسعار العالمية لهذه السلع، مما يرجّح بقوة وجود عمليات تضخيم للفواتير، سواء من حيث الكميات أو القيم". ولفت إلى أن "بعض الأطراف استغلت فرق سعر الصرف الرسمي مقابل السوق الموازي، لتنفيذ عمليات تحويل كبيرة عبر تضخيم فواتير الاستيراد، مما سمح لها بتجاوز جميع مستويات التدقيق التي وُضعت أصلاً لضبط التحويلات والتأكد من وصولها إلى الجهات الحقيقية". وبيّن العبيدي أن "رغم الإجراءات المشددة التي اتخذها البنك المركزي العراقي، بما فيها توسيع عمليات التدقيق، إلا أن الآلية الحالية أثبتت عملياً أنها غير ناجحة، ويتضح ذلك ليس فقط من بيانات صادرات الدول، بل أيضاً من انخفاض الإيرادات الجمركية التي تبقى متواضعة جداً مقارنة بحجم البضائع المُعلنة كمستوردة". وأوضح أن "من الضروري اعتماد آلية جديدة تهدف إلى تقليل تسرب العملة من خلال ربط الحوالات المصرفية بعملية تحصيل الرسوم الجمركية بشكل مباشر، وعدم السماح بإتمام التحويل بالسعر الرسمي إلا بعد تسديد الرسوم الجمركية المستحقة بناءً على قيمة الحوالة". وأكد أن "هذا النهج سيحقق هدفين رئيسيين، هما: تعزيز الرقابة على التحويلات التي تتم بالسعر الرسمي، ورفع العوائد الجمركية للدولة من خلال تسعير يتماشى مع القيمة الحقيقية للسلع".
وأشار إلى أن "هذا المقترح قد يثير بعض التحفظات، خاصة من زاويتي الخوف من ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي نتيجة تشديد التحويلات، واعتبار أن مثل هذه الإجراءات تدخل ضمن اختصاص السياسة المالية، وليس من مهام السياسة النقدية". ورأى أن "رغم وجاهة هذه التحفظات، إلا أن ما يشهده العراق حالياً من تسرب كبير للعملة الأجنبية وتراجع في الاحتياطيات نتيجة التوسع غير المنضبط في الاستيراد، يتطلب إجراءات استثنائية، حتى وإن كانت تحمل آثاراً جانبية". ولفت إلى أن "السياسات الاقتصادية بطبيعتها لا تُنتج آثاراً إيجابية خالصة، لكن النجاح يكمن في تحقيق التوازن وتغليب المكاسب على الأضرار. وعليه، فإن إصلاح آلية التحويل والاستيراد لم يعد خياراً، بل ضرورة ملحّة لضمان استقرار الاقتصاد وحماية احتياطيات العراق من العملة الأجنبية".
*
اضافة التعليق