بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي
افتتاحية جريدة الحقيقة
مرت أمس ، الذكرى السادسة والستون لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة، تلك الثورة التي حررت العراق والعراقيين من قيود التبعية والإستغلال، وأسست الجمهورية العراقية .. ولعل المثير والملفت للنظر، هو هذا الصمت العجيب والسكوت الغريب لجميع مؤسسات الحكومة والدولة العراقية - باستثناء بيان خجول جداً صدر عن رئاسة الجمهورية- وعدا هذا البيان ( الخجول)، فقد التزمت الدولة العراقية بحكومتها وبرلمانها، وإعلامها الرسمي وغير الرسمي، الصمت المطبق الذي يتماهى مع صمت المقابر في الليالي الموحشة.. ولعل المواطن العادي الذي لا يعرف هذه الثورة العظيمة ولا يعرف منجزاتها، ولا تفاصيلها، راح يشعر وكأنه أمام نسخة طبق الأصل من انقلابات البعث في 8 شباط الأسود 1963, أو انقلاب 17 تموز 1968..! وليس أمام ذكرى ثورة عظيمة أصابت الاستعمار واذنابه في المنطقة اصابة قاتلة..! وأعتقد أن للمواطن العادي كل الحق في ذلك، فهو يرى برلمانه وقد حذف ثورة الرابع عشر من تموز من جدول العطل الرسمية، وحكومته الوطنية تضيف حذفاً مكملاً إلى (حذف) البرلمان تمثل بعدم الاحتفال - ولو صورياً - بذكرى هذه الثورة، فلا أعلام ترفع في مؤسساتها، صبيحة الرابع عشر من تموز، ولا لافتات تعلق في ساحات بغداد، ولا إعلامها الرسمي يمر على ذكر الثورة، بل لم نر حتى (سبتايتل واحد) على شاشات قنوات الدولة يشير إلى هذا اليوم المبارك.. لذلك انطبقت على ذكرى الثورة في بيت الحكومة، أغنية الفنان الكبير فاضل عواد: لا خبر لا چفيه لا حامض حلو لا شربت ..! ولكن، هل استجاب الناس لـ ( تناسي ) الحكومة، وتعطلوا عن الاحتفال بيوم الرابع عشر من تموز، وهل حذفت الجماهير صورة الزعيم عبد الكريم قاسم من القمر، حين حذف البرلمان العراقي عيد الثورة وزعيمها من جدول العطل الحكومية؟ الجواب: طبعاً لا ومليون لا، فجماهير الشعب احتفلت بشكل يتناسب وقدسية أيام محرم، وخرج انصار الثورة بقيادة (اللجنة الوطنية لتخليد ثورة 14 تموز) بمسيرة عظيمة يتقدمها مناضلو الحزب الشيوعي العراقي، والأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني واتحاد نقابات العمال العراقي، وجماهير تمثل مختلف الاجيال، وكلها هتفت لثورة تموز ويوم الجمهورية وزعيم الثورة عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط الاحرار البواسل. أحدهم قال: ربما ستتعذر الحكومة بشهر محرم، وبيوم استشهاد الإمام العباس عليه السلام الذي يصادف يوم الرابع عشر من تموز أيضاً! ، وأنا أقول إن استذكار الثورة ومنجزاتها المتحققة للجماهير الكادحة بشكل خاص والشعب العراقي بشكل عام ، بما فيها تحقيق العدالة والحرية والكرامة والمساواة، لن يكلف الحكومة كثيراً، وفي الوقت ذاته سيسعد الإمام الحسين والإمام العباس عليهما السلام .. ألم يخرج الحسين مضحياً بنفسه وأهله وصحبه من اجل الثورة على الظلم والفساد وتحقيق العدالة والمساواة والحرية ؟! لقد شعرت عند انتهاء يوم الرابع عشر من تموز بالحرج الشديد امام اولادي وعائلتي، فقد قرأت سؤالاً صارخاً في عيونهم: ها بابا هذا النظام القتلت نفسك دفاعاً عنه، وهل ستواصل دفاعك عن نظام لا يمر حتى بالذكر على ثورة حررت العراق ومثلت باهدافها امتداداً لثورة الحسين، وجميع الثورات التحررية في التاريخ؟! ..
*
اضافة التعليق