د. حسين القاصد غريب هو التعامل العراقي مع ما يمس كرامة العراقيين، وتكمن الغرابة في الانتقائية، ولا شك اننا نشيد بالاجراء الاخير الذي دفع بالاردن الى القول باعتقال المسيئين والوعد باحالتهم الى المحاكم ، لكن لماذا يسيء لنا العرب؟، ولماذا ننتقي بعض الاساءات ونرد عليها ونغض النظر عن بقية الاساءات؟، ففي الاردن تقام الحفلات التي تتغنى بالنظام الساقط ، ويحييها فنانون عراقيون يأكلون على الفكين، فهم يقبضون من العراق ولهم جميع الحقوق، ويغنون في الاردن للطاغية المقبور، ولو كانت الاردن صادقة مع العراق لمنعت الترويج والخطاب المعادي، لكن هناك من يدعم بموافقة الحكومة الاردنية. وبعيدا عن النشاطات الثقافية والفنية ذات الطابع السياسي ، وبعيدا عن الاساءة الاخيرة التي حصلت في الاردن ، لنا ان نستغرب من عدم التعامل مع حالة كهذه حصلت مع بلد آخر، فلم نسمع باستدعاء السفير السعودي ولم توجه اية رسالة للسعودية تحمل استياء العراق من شتم صحيفة الشرق الاوسط للاغلبية العراقية، فهل السبب باختفاء الفعل الدبلوماسي في حادثة صحيفة الشرق الاوسط هو ان الاساءة لم تكن للرموز انما لعامة الشعب فقط؟!، وهل يرضى رموز العراق ان يساء للشعب؟. سيقال ان العراق كان منهمكا وانه بدأ يستعيد نفسه، وهذا شيء مفرح، ونحن نشيد بالاجراء الذي حصل مع الاردن، لكن الحل لا يكمن في معاقبة او محاكمة المسيئين بل لا بد من رادع مانع وتأسيس جديد ، يحمل رسالة واضحة بأن هيبة العراق ارضا وشعبا ومقدسات ليست قابلة للتفاوض ولا للرهانات السياسية ، وان العلاقات العراقية يجب ان تبنى على احترام متبادل ، فلا تعاون سياسي دون احترام كل مكونات الشعب العراقي دون انتقائية. نريد من السياسة الخارجية للعراق ان تعيد هيبة العراقي التي اراقها النظام الساقط واستسهل ذلك بعض الحكام العرب وصار بعضهم يطبل في الاعلام للاساءة للعراق، بل تفاقم الامر حتى وصلت الحساسية من العراق الى مباريات كرة القدم، فنجد المعلق العربي ينطق اسماء اجنبية دون ان يعرف معناها لكنه يقف ويتلعثم ويتفنن بالاساءة حين يتعامل مع لاعب عراقي، وهو ما يحدث دائما مع اللاعب علاء عبد الزهرة، لذلك نريد احتراما في كل المجالات، ونريد من سياستنا الخارجية ان تفرض على الدول احترام سيادة العراق ومنع كل الانشطة التي تسيء له لا سيما تلك التي تقوم بها نفايات البعث المنحل. صحيح ان التعامل مع ما حدث في الاردن كان مفرحا ، لكننا نريده بداية جديدة للتعريف بالعراق القادم بقوة ، وهو الامر الذي يدفعنا الى المطالبة بمحاسبة المسيئين من ساسة العراق قبل معاتبة الدول الاخرى.