جيشنا مدرسة المنهج الوطني ..

بغداد- العراق اليوم:

بقلم الفريق الركن/ احمد الساعدي  

 

في كل عام يحتفل شعبنا بذكرى عزيزة على قلوب العراقيين، هي ذكرى السادس من كانون الثاني. هذا الاحتفال والابتهاج الشعبي دليل على الاعتزاز والفخر بهذا الجيش الذي قدم جحافل من الشهداء أروت دمائهم ارض الوطن بكل عنفوان وعز.

 لجيشنا  تاريخ مجيد ودور مميز دفاعاً عن القضايا العربية وخصوصا فلسطين المغتصبة من قبل عصابات الصهيونية المجرمة.. وقد شارك بكل الحروب، ابتداء من حرب ١٩٤٨ مروراً بكل المعارك القومية ولازالت جثامين الشهداء ترقد هناك شاهدةً على بطولات ابناء العراق، ونبراساً يضيء الدروب للاجيال القادمة. فكل قبر منها يحدثنا، ويقول نحن هنا، تعلموا منا، ارواحنا رقدت في ارض فلسطين الحبيبة، وكتبنا التاريخ بالدم..

 ذلك هو الجيش العراقي .

اما على المستوى الوطني فقد لعب الجيش العراقي دورا بارزاً ومشرفاً في تأدية المهام بكل امانة وشرف، وقد حافظ دون شك على وحدة التراب، وحمى حدود الوطن، فكان صمام امان، وسداً منيعاً امام كل طامع او معتد أثيم حاول زعزعة الاستقرار الامني الداخلي.

وبعد عام ٢٠٠٣ واتخاذ القرار الجائر من قبل الحاكم المدني الأمريكي بحل الجيش العراقي، حيث خلق ذلك القرار فراغاً أمنياً، وبيئة هشة، مما انتج عن ذلك، توغل جرذان العالم إلى العراق واهمين باوهام وتصورات غبية، أنتجتها عقولهم العفنة، باستغلال الفراغ الامني، وقيام بمايسمى دولة العراق والشام الإسلامية، فكانت حساباتهم والقوى التي خلفهم بائسة، نسيت وتناست ان رجالاً بالعراق 

يقدمون الأرواح والدماء لاجل ان يبقى التراب العراقي طاهراً، نقياً.. إن

ابناء العراق، وبالرغم من الهجمة الشرسة التي وجّهت لهم، لكن وحدة التراب، والغيرة العراقية، كانت حافزاً اساسياً لهم، بحيث صاروا يواجهون الصعوبات والتحديات بكل اشكالها وعناوينها دون تردد أو  وهن… فالجندي والضابط العراقي وكل عناوين الجندية العراقية، يختلفون عن بقية جيوش العالم لكونهم ورثة تاريخ فذ، وشعب حر، يحملون في دمائهم جذوة التحدي والعناد، والبسالة الوطنية الفذة.. هم أبناء اولئك الرافضين للذل والهوان ..

نعم لقد خاض الجيش العراقي اشرس انواع الحروب بالتاريخ الحديث وانتصر بها بالرغم من الهجمات المرتدة عليه من بعض الاطراف القافزة على سلطة الدولة، والتي تحاول التشويش على دوره الوطني، ولصق به الصفات والأسماء التي ليس له علاقه بها قطعاً، فضلاً عن تسويق بعض المصطلحات البعيدة كل البعد عن جوهر الجيش العراقي، مثل جيش فلان، واخرى جيش علان، وغيرها بما تتلائم مع برنامج عمالتهم وخيانتهم للوطن.. فقد أعتمد الكيان الصهيوني عبر بعض الخلايا العاملة له في بعض المواقع ان يخلق فجوة بين الجيش والشعب، فهذه الفجوة تنسجم مع مشروعه في ان يكون العراق خاليا من القوات المسلحة الوطنية الفاعلة والمؤثرة بميزان القوة بالشرق الاوسط .. 

ولكن شعبنا والقوى الوطنية تعي ذلك فكلما زادت حملات التشويش على الجيش، زادت وحدة الالتفاف ودعم الجيش العراقي وسقطت احلام العملاء والصهاينة ..

إن الشعب العراقي جزء من الجيش، والجيش هو جيش الشعب، وصمام امانه، ولن يسمح ابداً بالتلاعب في الملف الامني لاغراض واهداف سياسية. 

فصيانة وحماية الدستور العراقي الذي صوتوا عبره تصويتا عاما ووافق عليه الشعب عبر تصويت شعبي، بات من واجب الجيش حمايته، وعدم السماح بالقفز عليه،  

فهو الطريق الوطني الوحيد الذي وجوباً ان يسلك وينتهج بالعمل السياسي او ادارة الدولة العراقية. ولربما يقع البعض بوهم العودة لعقلية الدكتاتورية والتي اصبحت جزءاً من ماضي أليم ومحزن،  بل وصفحة طويت وانتهت، لأن عراق اليوم يختلف تماماً عن عراق الأمس، وكل القوى الوطنية وشعبنا ماضي نحو بناء بلد ديمقراطي حضاري ان لم تتحقق الان بشكلها الصحيح، فستتحقق غداً حتماً.. فنحن على يقين بأن العراق سيكون مستقبلاً سيكون أكثر اشراقاً، وسيكون الجيل القادم اكثر تحضراً وفهماً للعمل السياسي الديمقراطي. .

آننا ندرك الخفايا وراء تعطيل تسليح وتطوير الجيش العراقي، وندرك  المعوقات والعراقيل الموضوعة امام بناء الجيش العراقي، لكننا واثقون من تحقيق الهدف.

 لقد اخذ جيشنا يتطور بكل المجالات، وستجد في كل يوم وضعاً يختلف عن وضعه يوم امس.. وهذا النمو جاء بفضل القيادات العسكرية الوطنية الحالية والسابقة، والمكلفين بهذه المهمة الوطنية سائرون نحو بناء متكامل بجيش قادرعلى  ان يتولى المهام الوطنية دون الاعتماد على الآخر..

وبالرغم من حجم التهديدات والحرب التي خاضها جيشنا بمعركته ضد الارهاب العالمي، وكانت حربا بالنيابة عن العالم وتحت هذه الظروف والمناخ الصعب لن يتوقف جيشنا عن البناء والتأهيل .

اليوم يتولى قيادة الجيش رجل ذو تاريخ جرّبته ساحات الوغى تجده بيد يقاتل وأخرى يبني القدرات العسكرية 

ألا وهو الاخ الفريق الاول الركن عبد الأمير يار الله رئيس أركان الجيش ومعه الاخوان من معاونيه وقيادات العمليات والفرق وقادة الصنوف الذين يعملون دائما بروح الفريق الواحد وبمنهج وطني خالص.. لذا انتهز هذه المناسبة العزيزة، وأقدم دعوتي لكل القوى الوطنية المحبة للعراق ان تسعى لدعم الجيش بكل الامكانيات المالية، والمعنوية، والإسراع ببناء قدرته القتالية، واكمال منظومات الإسناد الناري من طائرات وصواريخ ودفاع جوي، ومن المؤكد إن هكذا بناء يحتاج إلى ميزانية خاصة...

ختاماً، اتقدم باحر التهاني إلى كافة منتسبي الجيش، ضباطاً ومراتب، المحالين على التقاعد، واقول لهم نعم اننا نزعنا الملابس العسكرية ولكننا لم تنزع عنا وطنيتنا فإنها 

تسري في عروق الدم،  حتى ندفن بارضنا.. حيث  هنا خلقنا وهنا نموت ..

كل عام وجيشنا البار بخير حفظه الله وحفظكم من شرور الاعداء، ورحم رب العزة الشهداء الابرار واشفى الجرحى.

علق هنا