بغداد- العراق اليوم: "سواء أن الاغتيالات تغير تاريخ العالم أو أنها لا تغيّره؛ فهي بالتأكيد تغير تاريخ كل بلد على حدة"، بتلك الكلمات اختتم الباحثان بنجامين جونز وبنجامين أولكين، لدى كلية كيلوغ للإدارة بالولايات المُتحدة الدراسة التي تناولا فيها محاولات الاغتيال الفاشلة ووقائع الاغتيال الناجحة التي لحقت بزعماء البلاد على مستوى العالم، في الفترة بين عامي 1875 و2004، ورصدت 298 محاولة اغتيال لرؤساء في غضون 129 عاماً ، نجح منها 59 محاولة فحسب، وفق هافينغتون بوست عربي.
وقد يبدو الأمر صادماً أن الدراسة قد أشارت إلى محاولات الاغتيال للحكام المستبدين أكثر جدوى للبلاد في حالة نجاحها؛ فالبلدان التي شهدت اغتيالات قد تميل للتحول الديمقراطي بنسبة 13% أكثر من تلك التي تشهد محاولات فاشلة، كما تزداد فرصتها لإجراء تغير بالقيادات بنسبة 19%.
وبين محاولات اغتيال زعماء البلاد التي لا حصر لها عبر التاريخ هناك قصص مدهشة؛ إليك بعضها:
هذه ليست مُزحة؛ فقد نجا الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو من 638 محاولة اغتيال، مما دفع البعض للقول بأنه حاز رقماً قياسياً بموسوعة غينيس، وعلى الرغم من أن غينيس لم تمنحه لقباً كهذا، لايزال كاسترو أبرز الناجين خلال سنوات عمره التسعين، وفترة بقائه بمنصب رئيس البلاد التي بلغت 42 عاماً.
ونُفِذت معظم محاولات الاغتيال من قِبل وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية CIA، أو من قِبل كوبيين منفيين خارج البلاد دعمتهم CIA.
والمدهش في الأمر هو أن كافة تلك المحاولات- التي شملت السجائر المتفجرة، وحقنة سم في شكل قلم، لم تنجح في المساس بحياة كاسترو الذي احتفل مؤخراً بعيد ميلاده التسعين.
وأنتج فيماً وثائقياً عام 2006 تناول حكاية كاسترو ومحاولات اغتياله باسم
"638 طريقة لقتل كاسترو".
هتلر بـ40 روح (على الأقل)
في أحد أيام نوفمبر/تشرين الثاني العام 1939؛ كان هتلر يُحيي الذكرى السنوية لانقلاب بير هول بميونخ.
وكان هناك أيضاً شخص يُدعى جورج إلسير، يستعد لإنهاء حياة الزعيم النازي، ونجح بالفعل في صنع قبلة وتوقيتها للانفجار في الموقع الذي يفترض أن يتواجد فيه هتلر، تماماً في التاسعة والنصف مساءً.
ولكن سوء الأحوال الجوية كانت قد منعت هتلر من العودة إلى برلين على متن طائرته، فاضطر إلى المغادرة للحاق بالقطار قبل الانفجار بـ13 دقيقة فقط.
هذا ليس تشابهاً مع سيناريو فيلم "13 Minutes" الذي أُنتج عام 2015، بل هو قصّة حقيقة لواحدة فحسب من محاولات اغتيال هتلر التي يزيد عددها عن 40 محاولة.
وتعددت الطرق المُستخدمة في محاولات اغتيال الزعيم النازي، لتشمل إطلاق النار والتفجيرات وإلقاء الحجارة والتدبير الذي انكشف أمره لإجراء انقلاب ضده، وبحسب موقع Assassination Info، حتى أن المحاولات قد تضمنت محاولة إغرائه بالصور الإباحية في مطلع عام 1944، عندما دبّرت مجموعة طيارين أميركيين مؤامرة الطيران فوق منتجع جبلي لهتلر وإسقاط كميات هائلة من الصور الإباحية على أمل أن يكترث هتلر؛ ولكنه لم يفعل، وكانت خطة وصفها الجيش بأنها حمقاء وسخيفة.
جمال عبد الناصر حين لم يكن رئيساً!
هذا ما كنت ستسمعه عام 1954 بالبث الإذاعي المباشر: "أحتفل معكم بعيد الحرية بعيد العزة وبعيد الكرامة" ثم فاصل قصير من تهليل الجمهور يتخلله صوت ثمانية طلقات نارية ثم يعود صوت جمال عبد الناصر قائلاً "فليبقَ كلٌ في مكانه.. أيها الرجال".
وتحل اليوم ذكرى محاولة اغتياله، وكان ذلك هو حادث المنشية الشهير، خلال خطبة جماهيرية ألقاها بميدان المنشية بمحافظة الإسكندرية، يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 1954، للاحتفال باتفاقية جلاء قوات الاحتلال البريطاني عن مصر التي قد وُقِّعت في 19 من الشهر نفسه.
اللافت أن الحادث الشهير قد وقع أثناء فترة حكم الرئيس الأول للبلاد، محمد نجيب، وقبل أيام من الإطاحة به ووضعه قيد الإقامة الجبرية من قِبل مجلس قيادة الثورة، ليتولى عبد الناصر الحكم رسمياً في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1954.
واتُهم الإخوان المُسلمون بتنفيذ محاولة الاغتيال وأعقب الحادث اعتقال العديد من اعضاء الجماعة المُسلمين، أودع بعضهم السجن الحربي وسجون متفرقة، وأُعدم عدد منهم، ترى ماذا كان سيطرأ على التاريخ لو كانت نجحت محاولة الاغتيال؟
محاولة اغتيال حافظ الأسد ومجزرة في اليوم التالي
"على محاولات الاغتيال أن تنجح أو لا تتم أصلاً"؛ ليس هذا نص ما قالته دراسة بعنوان "أصابت أم أخطأت؟ أثر الاغتيالات على المؤسسات والحرب" لكنه بالضبط أحد ما يمكن استخلاصه من نتائجها التي أشارت إلى آثار محاولات الاغتيال الفاشلة للحكام الديكتاتوريين، والتي قد تتسبب في إجراءات شديدة الصرامة ضد المعارضة.
وربما لا دليل أكثر وضوحاً على ذلك مما أسفرت عنه محاولة اغتيال الرئيس السوري حافظ الأسد العام 1980 إذ وقعت مجزرة سجن تدمر، أحد أبرز جرائم القتل الجماعي في الثمانينات.
وتعرض حافظ الأسد لمحاولة اغتيال فاشلة باستخدام قنبلتين يدويتين على يد أحد عناصر حرسه الجمهوري في 26 يونيو/حزيران 1980، وأعلنت مجموعة الطليعة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أنها تبنّت التدبير للاغتيال.
وسرعان ما شهد اليوم التالي مجزرة دامية في قلب صحراء تدمر بحق معتقلي سجن تدمر وأغلبهم من المُنتمين للجماعة، وانتهت بمقتل أكثر من 1000 معتقل رمياً بالرصاص وبالقنابل اليدوية انتقاماً من الإخوان.
وبينما هرب مُنفذ العملية خارج سوريا؛ اعتقلت السلطات 56 فرداً من أسرته وعائلته وأُعدِموا جميعاً. بحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان، وأقرّت البلاد قانوناً يعدم بموجبه أي شخص مُنتسب للجماعة.
من الحب ما حاول قتل رئيسٍ للولايات المُتحدة!
قبل شهرٍ فحسب وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2016؛ أُفرِج عن شخصٍ يُدعى جون هينكلي، بعد بقائه بمستشفى للصحة النفسية لمدة 35 عاماً.
في مارس/آذار 1980؛ حاول هينكلي اغتيال الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، خارج فندق في واشنطن بعد أسابيع من توليه منصب الرئاسة الأميركية، وقد كان ذلك مثيراً للدهشة، خاصة عند معرفة السبب، اذ أطلق هينكلي الرصاص على الرئيس في محاولة لنيل إعجاب ولفت انتباه الممثلة جودي فوستر، التي كان مولعاً بها.
ولم تنجح الرصاصات الست التي أطلقها جون في اغتيال ريغان ولكنها أصابت رئته، وأصابت ثلاثة أشخاص آخرين، بينهم جيمس برادلي السكرتير الصحفي لريغان، الذي أًصيب في رأسه، مما أسفر ذلك عن تلف في المخ وظل بقية حياته قعيدا على كرسي متحرك، فضلاً عن اثنين من رجال الأمن لحقت بهم إصابات أقل شدّة.
ولم تدن المحكمة هينكلي بسبب معاناته من مشكلة نفسية، وتم احتجازه لتلقي العلاج في مستشفى في واشنطن، وكان يقضي 17 يوماً كل شهر خارج السجن لزيارة والدته في ولاية فرجينيا، تحت حراسة مشددة.
ولم يعد هينكلي البالغ من العمر 61 عاماً يشكل خطراً على نفسه أو على الآخرين، فسُمِحَ له بالإقامة في منزل والدته بشكل دائم، مع بقاء القيود المفروضة عليه، كحظر التحدث إلى وسائل الإعلام.
محاولات الاغتيال "أسلوب حياة" في كوريا الشمالية
تعرض زعيم كوريا الشمالية الراحل كيم يونغ إيل لعدد من محاولات الاغتيال الفاشلة، كان من بينها صدم سيارته بشاحنة تزن 20 طناً، ولكن المُنفذ تحيّر بشأن سيارات موكبه وصدم سيارة أُخرى، فضلاً عن محاولات لاغتياله بالتخطيط لإجراء انقلابين على يد أفراد تدرّبوا لدى الجيش الكوري الشعبي.
أما عن لزعيم كوريا الشمالية الابن كيم يونغ أون، الذي ورد عن وكالة تجسس كورية جنوبية أنه قد ازداد وزنه نحو 40 كيلوغراماً منذ أن تولّى منصبه قبل أربعة أعوام، لانغماسه في تناول الأطعمة والمشروبات بنهم لمواجهة خوفه المُستمر من التعرض للاغتيال، يعيش وضع الاستعداد لمحاولات القتل دون توقف.
حتى أن دراسة أجريت مؤخراً بجامعة جورج تاون، ونشرت في المجلة الدولية للدراسات الكورية، توقعت أربعة سيناريوهات محتملة لاغتيال كيم، تشمل مواطنيه مثلما تشمل أقرب المقربين إليه، وكبار مسؤوليه، واحتمال غير مُرجّح لحدوث انقلاب.
ماذا عن السعودية؟
خلال آداء الملك عبد العزيز ال سعود لمراسم الحج العام 1935؛ تعرّض لمحاولة اغتيال قام بها أربعة يمنيين، حاول أحدهم طعن الملك، ولكن ابنه سعود قد تلقى الطعنه بدلاً من أبيه، فأصيب إصابة بالغة في الكتف، وفي نفس ذلك الوقت ظهر شابان آخران حاولا طعنه مجدداً فتصدى لهم الحرس وقتلوهم، كانت هذه واقعة قديمة رواها الموقع الرسمي للملك سعود.
ولكن؛ هناك واقعة أحدث تجدد التحقيق فيها في مطلع هذا العام. حيث نشرت صحيفة إندبندنت مؤخراً أن وكالة مكافحة الجريمة في بريطانيا تلاحق البروفيسور السعودي المقيم في لندن، محمد المسعري، وجمدت ممتلكاته، للاشتباه في حصوله على أموال قيمتها 600 ألف جنيه إسترليني، من الليبيين، في مؤامرة محاولة اغتيال العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز.
ويرجع تاريخ محاولة الاغتيال إلى العام 2003، عندما جرت مشادة العقيد الليبي معمر القذافي وولي العهد السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، خلال القمة العربية، مما دفع القذافي إلى إصدار أوامر لجهاز استخباراته باغتياله.
وتجري ملاحقة المسعري لشهادة أحد من قُبِض عليهم أن المسعري والمعارض السعودي المقيم في لندن سعد الفقيه كانا على صلة بعدد من رجال الاستخبارات الليبية.
وراء أول امرأة تتولى رئاسة الفلبين.. اغتيال زوجها!
"كورازون أكينو" أول امرأة تترأس الفلبين، وحكمت البلاد منذ العام 1986 وحتى 1992، ووضعت دستوراً جديداً تم من خلاله تحديد عدد فترات تولي الرئيس فترة الحكم إلى فترة واحدة مدتها ست سنوات، ونجت من سبع محاولات انقلابية.
كانت كورازون ربه منزل عادية إلى أن تم اغتيال زوجها السيناتور بنينو أكينو العام 1983، والذي كان أحد أبرز المعارضين للرئيس الفلبيني آنذاك ماركوس، وسرعان ما أصبحت زعيمة للمعارضة، وعندما دعى ماركوس لإجراء انتخابات مبكرة بالبلاد العام 1985، دخلت كورازون المنافسة ولكنها لم تفز وسط مزاعم تزوير الانتخابات، فدعت إلى عصيان مدني واسع النطاق.
وأدى الانشقاق داخل القوات المسلحة ودعم رجال الدين الكاثوليك المحليين إلى ثورة أطاحت بماركوس ونصّبت كورازون، في 25 فبراير/شباط 1986.
وظلت محاولات الانقلاب تلاحقها من قِبل الجيش، وخلال إحدى المحاولات جرت محاولة اغتيال نينوي "أكينو الثالث" الابن الوحيد لها ولزوجها، على أمل أن تستسلم بالحزن على ابنها، الذي تعرَض لخمس محاولات اغتيال سابقة، ولكنه نجى ليصبح الرئيس الحالي للفلبين.