فالح حسون الدراجي يكتب عن حفلات الفنان محمد عبد الجبار في الولايات المتحدة الامريكية

خاص - العراق اليوم - كاليفورنيا

على أجنحة الطرب، نقل الفنان محمد عبد الجبار العراقيين في امريكا الى أجواء بغداد ولياليها وغنائها الأصيل .. حيث قدم الى امريكا بدعوة فنية من شركة ( بيلايجيو بانكوت هول) Bellagio banquet hall التي مقرها ولاية مشيغان، والتي يديرها المتعهدان العراقيان الناجحان، اللذان يحظيان بثقة واحترام العراقيين في عموم أمريكا، ايهاب أدور، وربيع رضا.. واستجابة لمطالبات الجمهور العراقي في عدد غير قليل من الولايات الأمريكية، الذي اشتاق للغناء  الحقيقي، والطرب العراقي الأصيل ..

وهكذا قدم الفنان المحبوب محمد عبد الجبار ليطرب هذا الجمهور ويروي عطشه للفن الجاد والأصيل..

أذ أقام عبد الجبار خلال اسبوع واحد ست حفلات فنية في خمس مدن أمريكية من المدن التي تضم الكثير من أبناء الجالية العراقية.. وهذه المدن هي: مشيغان، هيوستن، أريزونا، وساندييغو -المدينة التي أقيم فيها، والتي أقام فيها حفلتين وليس حفلة واحدة - وكانت مدينة (بوستن) هي آخر المدن الامريكية التي سيحيي فيها حفلته، ومنها يطير اليوم الى تورنتو في كندا ليقيم هناك حفلة أيضاً، ومنها يطير عائداً الى وطنه العراق..

وللأمانة، فإن الرجل، رغم ازدحام برنامجه بالعديد من المقابلات، والفقرات، الفنية والاعلامية، فضلاً عن كثرة تنقلاته (السريعة) بين المطارات والقاعات التي احتضنت حفلاته الغنائية، وجمهوره الكبير، إلا أن (أبا ابراهيم) لم ينس الإتصال بي منذ اليوم الأول لوصوله الى الولايات المتحدة، بل ولم ينقطع عن التواصل معي طيلة وجوده في امريكا..

وللتذكير أيضاً، أود الاشارة الى أن الفنان محمد عبد الجبار كان قد وجه لي دعوة شخصية لحضور إحدى الحفلتين اللتين سيقيمهما في مدينتي (ساندييغو)، قبل مجيئه لامريكا بحوالي شهرين، وقد قبلت دعوته الكريمة وقتها، وشكرته عليها.. لاسيما وأن جميع تذاكر هاتين الحفلتين قد نفدت منذ فترة ليست قليلة، بل وسمعت من الأصدقاء ان بعض هذه التذاكر بيعت في السوق السوداء، رغم ارتفاع أسعارها ..!

لكن، وللحق أيضاً، فإن الذين دفعوا هذه الأسعار الباهظة لم يخسروا قط.. فقد استمتعوا بروعة غناء الفنان محمد عبد الجبار، وبحضوره الابداعي المضيء، وبأدائه الشجي المبهر، حتى أخبرني بعض الأصدقاء الذين حضروا حفلتيه في ساندييغو أن محمد حلق عالياً باجنحة الطرب العراقي الأصيل، حاملاً الحضور الى بغداد، الحلم، بأجوائها ولياليها، وأغنياتها، وجمال وعذوبة سنينها تلك، خصوصاً أجواء وسنوات سبعينيات القرن الماضي، حيث لم يطل بعد شبح الدكتاتورية ومآسي الحروب والحصار، وأنياب الظلم والقمع الصدامي، وما تلت حقبة صدام من مآس وفتنة، وتفجيرات ارهابية، وقتل على الهوية، وجرائم داعش وقبلها القاعدة.. فضلاً عن أوجاع الفقر..

لقد قيل لي إن ثمة الكثير من الحاضرين بكوا كثيراً وهم يسمعون المواويل العراقية المكتنزة بالأسى والشجن الموجع والحنين والعذوبة الفريدة التي ليس مثلها عذوبة في كل أغنيات العالم، كما أنهم   رقصوا على نغمات وايقاعات الأغنيات العراقية الفرحة..

لقد عرفت كل تفاصيل حفلات المبدع محمد عبدالجبار في الولايات المتحدة ، على الرغم من عدم حضوري تلك الحفلات بسبب وضعي النفسي الذي لا يسمح لي بذلك بعد رحيل أخي وصديقي الشاعر الكبير كريم العراقي، ولعل الامر الذي خفف من وطأة أحساسي بالتقصير، هو تفهم صديقي الفنان  (ابو أبراهيم) لوضعي، وظرفي، وقبوله اعتذاري، مقدراً مشاعري بفقد اخ وصديق عزيز مثل كريم العراقي، لكني كنت أتابع اخبار حفلاته واحدةً واحدة، وقد سعدت أيما سعادة بنجاحه الكبير، وتألقه في كل الحفلات التي أقامها في الولايات المتحدة خلال الاسبوع الماضي..

بحيث بات اسمه يتردد على ألسنة العراقيين في أمريكا، وهم يعلنون اعجابهم وتقديرهم لما قدمه ويقدمه من إبداع، سواء وهو يغني للحب والعشق، او حين يغني للوطن، او ينشد  لأسود الرافدين الذين غنى لهم العديد من الأغنيات الرياضية أيضاً..

وبسبب ضغوط برنامجه وكثرة حفلاته، لم ار صديقي محمد عبد الجبار (أبو ابراهيم) إلا في اليوم الأخير من وجوده في ساندييغو، حيث سرقنا من وقتنا ساعتين رائعتين فقط، زرته انا وابني (علي) في الفندق الذي يقيم فيه.. وقد حكى لي فيهما تفاصيل حفلاته، ورحلاته، ومشاريعه القادمة.. وقد توج هذه الجلسة الرائعة التي تمت في جناحه بالفندق الفخم، بأن غنى لنا بعضاً من آخر أغنية بثتت له قبل شهرين، والتي كانت بعنوان (أنطيك عيني) وهي من كلماتي والحان الفنان الجميل علي بدر، والتي تجاوزت مشاهداتها ثلاثة ملايين خلال شهرين فقط. 

في الختام أقول: شكراً بل ألف شكر للفنان محمد عبد الجبار، الذي عاش العراقيون في الولايات المتحدة معه حلماً جميلاً طاروا فيه عبر اجنحة صوته الحنون الى وطنهم العراق، وتجولوا في محلاته وأزقته وبساتينه وشوارعه، حتى تعطرت مسامات أرواحهم بأريج بغداد، وعبق التاريخ العراقي الحافل بالمآثر، والمزدحم بالطيبة و(الحنية) الفائقة..

شــكراً محمد عبد الجبار .. شكراً للمتعهدين الأمينــين إيهاب أدور  وربيع رضا ، اللذين وفرا للعراقيين المغتربين المتشوقين للجمال والحب والفن العراقي، فرصة ذهبية عبر استضافة هذا العندليب.

 

علق هنا